المجالس – وكالات:
عاد الزحام غير المحتمل إلى قلب القاهرة الكبرى، وبعض مدن المحافظات، بعد عودة الدراسة، وبدء الفصل الدراسى الثانى! تخيل أن الطالب الذى يسعى للعلم، والموظف المجتهد، والعامل الملتزم، ينفقون يومياً ما لا يقل عن خمس ساعات، ذهاباً وإياباً، للسير فى زحام الشوارع، مع ما يصاحب هذا الزحام من إرهاق، وقلق، وجُهد، يجعل الجسد منهكاً، وغير قادر على العمل، كما أننا نقوم بإهدار الطاقة (بنزين وسولار) وفى نفس الوقت لا نبذل ما يجب بذله من اجتهاد للقضاء بشكل حقيقى، على أزمة نعيش فيها منذ السبعينيات، ولا تنتهى أبداً!
إذا كنا نريد حل أزمة المرور، علينا أن ندرك ضرورة استخدام الحل الجذرى، وهو حل مؤلم وطويل الأجل، ولن ينتهى فى يوم وليلة، وإلا سنجد أنفسنا فى معترك «لف ودوران» حول مساحة جغرافية محددة تسير فيها كل هذه الملايين من السيارات يوميًا، وقطعًا تزداد أعدادها، على نفس المساحة، لتستمر الأزمة، ويستمر الخبراء يتحدثون عن المحاور، التى لا يمكن عمليًا اعتبارها حلًا لمشكلة المرور!
لماذا لا نبدأ بجمع كل خبراء الطرق، والإسكان، والمجتمعات العمرانية، المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، مع قيادات المرور فى القاهرة، ونغلق عليهم مبنى مجهزًا للإعاشة، لمدة شهر، ليتباحثوا ويتفقوا على الحل الضرورى للأزمة؟ لماذا لا نضع بين أيديهم تجارب الدول الأخرى التى توجد لديها أعداد لا حصر لها من السكان، مثل الصين والهند، ونطلب منهم التواصل مع المسئولين فى هذه الدول لنسألهم ماذا فعلتم يا.. «عفاريت» للتخلص من أزمة المرور رغم أن سكان الصين مليار و300 مليون، وسكان الهند يوازى سكان الدول العربية مجتمعة أربع مرات!
هل تعرف أن الصين منحت الفرصة لأحد مخترعيها، لكى يبتكر أتوبيسًا مفرغًا من الأسفل، لكى يمنح الفرصة للمرور من تحته، ولا تتسبب هذه الأتوبيسات فى تعطيل المرور؟ الهند.. يوجد لديها قنبلة مرورية يومية اسمها العاصمة «دلهى»، ورغم ذلك لن تواجهك طوال طريقك، سوى إشارة أو اثنتين، ولا تزيد مدة الانتظار فيها على ثلاث دقائق، هل تعرف كيف؟ عن طريق تقليل حجم الناس الذين يضطرون للذهاب للمصالح الحكومية، فقد تقرر تخليص كل مصالح الناس إلكترونيًا، ولذلك لم يعد يذهب إحدى للهيئات ولا المصالح الحكومية، فالجميع ينهى إجراءاته من منزله، بدءًا من الحصول على التراخيص، وحتى دفع الرسوم!
تعالوا نسأل، خبراء البرازيل، التى تتميز بمستوى بارع من التخطيط، فأنت، تقود سيارتك بدون أن تتوقف عند أية اشارة للمرور، ولتوضيح الفكرة، ستجد قائد السيارة يقودها بحيث يمر من تحت جسر صغير وفى الوقت نفسه يمكن أن تعبر سيارة أخرى فوق الجسر، إما ناحية اليمين أو ناحية اليسار.. وهكذا.. كل ذلك بدون إشارات مرورية.. أى أن الطرق كلها فى اتجاه واحد، وتواجهك دائمًا كبارى تعيدك إلى الطريق المقابل!
علينا أن نفكر خارج الصندوق.. الأزمة كبيرة وتحتاج لحل جذرى، يجب الاتفاق عليه قبل أن نجلس فى بيوتنا إجباريًا!