تم التعديل الوزارى الأخير فى محاولة لضخ دماء جديدة إلى الحكومة، التى أعتبرها من وجهة نظرى من أكثر الحكومات التى لاحقها سوء الحظ، لأنها تعاملت بواقعية شديدة مع المشكلات، بغض النظر عن النتائج المؤلمة لهذا التعامل، عملا بالمثل الدارج «ألم ساعة ولا كل ساعة»، وبغض النظر عن سلبيات أو إيجابيات هذا النهج الذى لم يتعوده المواطن المصرى، حيث ظلت الحكومات المتعاقبة تخشى أن تنتهج هذا المسلك منذ أحداث يناير ١٩٧٧، واعتمدت سياسة التأجيل، ورأت فى سياسة المسكنات الأكثر ملائمة ومواءمة، وهو ما تمردت عليه حكومة شريف إسماعيل لتعتمد سياسة الصدمات، لكن لم يكن لديها العوامل المساعدة لتنفيذ هذه السياسة بلا «آثار جانبية»، ولهذا تم اللجوء للتعديل فى بعض الحقائب الوزارية، لأن كثيرًا من الملفات، وأهمها الملف الاقتصادى، عصية على الطى.
ما يعنى أن المشكلة الحقيقية لدينا هى افتقاد بوصلة تحديد الاتجاه فى بعض الملفات التى أسوق منها مثلًا ملف استمرار ارتفاع الأسعار رغم زيادة القيمة الشرائية للجنيه فى الأيام الأخيرة نتيجة الانخفاض النسبى لسعر الدولار ما يعنى أن هناك عوامل غير الدولار، هى التى تتحكم فى ارتفاع الأسعار، وهى عوامل غير اقتصادية، منها جشع بعض التجار وعدم وجود حد لهامش الربح، الأمر الذى يتطلب وجود رقابة حقيقية على الأسعار من قبل الدولة، أما ترك تحديد الأسعار لآليات السوق المتمثلة فى العرض والطلب، التى من المفترض هى الحاكمة لارتفاع أو انخفاض الأسعار هو تنصل من المسئولية المجتمعية، حيث نلاحظ أن زيادة المعروض فى بعض السلع والخدمات لم يؤد إلى انخفاض السعر، كما هو مفترض، مثل سوق السيارات مثلًا، واستمرت الأسعار مرتفعة!
إذن نحن هنا نحتاج إلى تدخل حكومى لضبط الأسعار أو على الأقل لجعلها تتأثر بحركة السوق، أليس من الأفضل أن تصدر الحكومة على الأقل قائمة يومية بالأسعار الاسترشادية، خاصة السلع التى يحتاجها المواطن مثل الزيت والسكر واللحوم والدواجن والأسماك والفاكهة والخضراوات، وفى السابق كانت هناك سياسة تسعير جبرية، وفى ظل انفلات الأسواق لم تعد هناك فائدة من هذه السياسة المرتبطة بالنظام الاشتراكى، وتم إلغاؤها، ومع هذا لم يتم استقرار الأسعار مع توازن آليات السوق، ليس فقط فى السلع التى يحتاجها المستهلك بشكل يومى، ولكن الأمر ينسحب على كل السلع فى الأسواق، وبات على المواطن أن يتحمل العبء، ومن هنا جاءت المشكلة التى جعلتنا ندور فى حلقة مفرغة! إذن ماالحل؟.. أتصور أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قدم الحل منذ اليوم الأول لتوليه المسئولية، عندما بدأ بنفسه اتجاهًا وسلوكًا، وعندما دعا إلى الإنتاج والالتزام فى العمل، وتنازل عن نصف ثروته ودخله، ضاربًا مثلًا لرجال الأعمال وأصحاب المليارات، الذين يتجاهل بعضهم واجبه فى الوقوف إلى جانب الوطن فى محنته، والحل فى سرعة تطبيق الضريبة التصاعدية كلما زاد الدخل، حتى يتم رفع الأعباء عن المواطن الفقير محدود الدخل، مع ترشيد الدعم بشكل يضمن أن يذهب لمستحقيه، والحل فى الضرب بيد من حديد على الفاسدين والمفسدين والمتحكمين فى قوت الفقراء، وعدم مهادنة المتلاعبين بالأسعار، والحل يإيجاز – فى الانحياز الكامل لعامة الشعب وربط الأجر بالإنتاج، إن الحل يا سادة فى أن يكون للحكومة هدف ورؤية وخطة، تعمل على تنفيذها مهما اختلف المنفذون!