فى بداية مباحثاته مع الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد السعودى، أطلق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مداعبة لفتت الانتباه.. أشار الرئيس الأمريكى إلى الصحفيين وقال موجها حديثه إلى الأمير السعودى «دول ناس لطاف» فرد الأمير قائلاً «أتمنى ذلك» واستكمل الرئيس والأمير مباحثاتهما بالبيت الأبيض.
ولا شك أن مباحثات الرئيس والأمير كانت على درجة من الأهمية لعدة أسباب أهمها أن الأمير الشاب أول مسئول عربى يستقبله الرئيس الأمريكى بالبيت الأبيض، بالإضافة إلى حفاوة الاستقبال وإقامة مأدبة غداء للأمير وكسر قواعد البروتوكول من جانب الرئيس الأمريكى أثناء المباحثات.. والأهم من كل هذا أن الذى استقبله ترامب ليس الملك ولا ولى العهد وإنما ولى ولى العهد وهى إشارة تدل على قوة ومكانة المملكة على المستوى الدولي.
وإذا تركنا الزيارة والمباحثات لحين ظهور النتائج وعدنا إلى مداعبة ترامب فنجد أنها مداعبة مقصودة يحاول فيها الرئيس أن يكتم غيظه من الإعلام الذى يحاربه ومن الإعلاميين المفروضين عليه فى البيت الأبيض ولا يستطيع أن يطردهم وكل ما يستطيع أن يفعله هو مقاطعة احتفالاتهم ومناسباتهم لا أكثر ولا أقل، وتأتى المداعبة فى إطار حرب ضارية بين الإعلام والرئيس، وتأتى أيضاً بعد ساعات من نشر وثيقة حول ضرائب الرئيس اظطر البيت الأبيض إلى إصدار بيان رسمى للرد عليها.
وتتعلق الوثيقة بضرائب الرئيس وهو الملف الشائك الذى رفض ترامب الرد عليه أثناء وبعد حملته الانتخابية.. الوثيقة نشرتها قناة إم إس إن بى سى وتكشف قيام ترامب بسداد 38 مليون دولار ضرائب عن دخله هو وزوجته عام 2005 والذى فى هذه الحالة يصل إلى 150 مليون دولار.. الوثيقة نشرها الصحفى الشهير ديفيد كى جونستون وقال إنها وصلته عن طريق البريد العادي.. البيت الأبيض اعترف بالوثيقة وقال إنها تدل على التزام الرئيس بسداد الضرائب، وانتقد القناة لنشرها سجلات ضريبية وقال إن النشر مخالف للقانون، وردت القناة وأكدت أن النشر كفله القانون ولا يوجد فيه أى مخالفة.
وإذا كانت الوثيقة لا تحمل إدانة لترامب فإنها مست قضية هامة يحاول أن يتهرب منها وهى نشر وثائق وسجلات الضرائب الخاصة به وبأسرته على غرار ما فعله الرؤساء السابقون، وهو الأمر الذى تحاول الصحافة إجبار الرئيس عليه.. أما الملاحظة الثانية فهى طريقة حصول الصحفى الشهير جونستون على الوثيقة.. فإذا كان قد تلقاها عبر البريد العادى فإن هذا لا يعنى أن فاعل خير قد أرسلها إليه، وإنما الأمر يؤكد وجود تحرك منظم وقوى ضد ترامب وأن الإعلام ليس وحده، وإنما هو جزء من منظومة قوية تحارب الرئيس وتهدد عرشه.
والسؤال الآن: هل تزلزل الصحافة الأمريكية عرش الرئيس خاصة بعد أن وصلت الحرب إلى الهجوم العلنى المتبادل، خاصه إذا أخذنا فى الاعتبار أن الرئيس ـ أى رئيس ـ هو الخاسر دائماً إذا دخل فى حرب مع الإعلام؟