الأزهر جامعة عريقة تاريخية.. هذا صحيح.. لكن الصحيح أيضًا أن الأزهر ومشايخ الأزهر أصابهم ما أصاب المجتمع المصرى. الأزهر ليس معصومًا من التغيرات الاجتماعية.. ليس معصومًا من الأزمات.
عراقة الأزهر لا تنفى أن بعض مناهجه مفخخة، مثلها مثل السيارات المعبأة بالمتفجرات.. ومثل الأحزمة الناسفة فى أوساط الانتحاريين. افتح كتب «الروض المربع». اقرأ صفحات من كتاب الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع. تابع ما يقوله كتاب «الشرح الصغير». كلها كتب مقررة على طلبة المعاهد الأزهرية فى الإعدادى والثانوى.. وكلها مليئة بالتطرف والنظرة المستريبة فى غير المسلمين.
فى مدارسنا الحكومية ينام التطرف ملء جفونه أيضًا. افتح كتاب الدين للسنة الرابعة. فى تفسير صورة الفاتحة كتبوا إن المغضوب عليهم هم اليهود وإن الضالين مقصود بهم «النصارى».
ما الذى تنتظره من تلميذ درس هذا الكلام؟ ما الذى تنتظره من طالب أزهرى تربى على أن الإسلام دين لا يرى إلا نفسه، ولا يعرف إلا الذين يدينون به؟ إن جيت للحق التطرف موجود تحت جلودنا. التطرف يبدأ من التعليم. لذلك تبدأ حرب التطرف من التعليم أيضًا. فى حصة الدين فى مدارسنا، ينمو التشدد.
تبدأ بذور التطرف فى مدارسنا، من أول خروج التلاميذ المسيحيين من الفصل فى حصة الدين الإسلامى، يخرجون أقلية لغرفة الموسيقى.
العام الماضى نفت وزارة التربية والتعليم استبدال مناهج التربية الدينية بكتاب اسمه «كتاب القيم والأخلاق». قالت الوزارة إن الحديث على الاستبدال كلام إخوانى، لتشويه صورة الوزارة.. ونظام ٣٠ يونيو. يا ريت كان مشروع تدريس الأخلاق صحيح. لماذا لا نستبدل التربية الدينية، بتدريس علم الأخلاق خصوصًا فى مرحلة التعليم الإلزامى؟
فى الهند واليابان لا يدرسون الدين للتلاميذ تحت ١٢ عامًا. ليس هذا ضد الدين، وإنما ضد عقول «صغيرة» يسهل جذبها من مدرس متطرف أو مدرسة منتقبة.
فكرة تدريس علم الأخلاق فى مدارسنا جيدة، على الأقل فى المرحلة الابتدائية. دعك من المزايدات بأنها ليست من الدين، أو أنها ضد الإسلام.. بالعكس.. هى من أصل الدين. فأطفال ابتدائى ليسوا فى سن التكليف فقهًا.
علم الأخلاق مدخل سيكولوجى ممتاز تمهيدًا لإطلاع الأطفال على عقائدهم الدينية، فى الإعدادى والثانوى.
تدرس علوم الأخلاق مصادر الالتزام الخلقى فى الإنسان. ما الذى يجبرك على فعل شىء ويمنعك من فعل آخر؟ ما هو الخير.. وما هو الشر؟ ما هى نظرتك للآخر، وكيف تتكون؟ كيف نستعمل عقولنا؟
راجع كتب التربية الدينية فى مدارسنا. تلاميذنا ينشأون على أن العالم هو «الإسلام» وأن الآخر هو من لا يدين بالإسلام. من ابتدائى فى مدارسنا نشب على أن العالم كله ضد الدين، وأن الإسلام يدافع عن نفسه.. ضد الآخر الذى لا يدين بالإسلام.
فى ابتدائى، كما على منابر الزوايا وبعض المساجد، يلوكون قصصًا مصدقة عن تحريف الكتب العقيدية لغير المسلمين، فيقدرون كتب الطبخ أكثر من الكتب المقدسة!
دعنا نكون موضوعيين. المسألة ليست ضد أو مع الأزهر. لسنا فى مجال نصر رأي على آخر. نحن فى أزمة، ولا بد من حل.