عاد البابا فرنسيس إلى روما بعد زيارة ناجحة للقاهرة بمفاهيم السياسيين والإعلاميين والمبشرين بعودة السياحة والمختصين بمحاربة الإرهاب.
إعلام بلدنا أيضا أبدى اندهاشه من كل الاستعدادات التى جرت للزيارة وتسابقنا بالإشادة بكل من كان له صلة فى نجاحها بالشكل اللائق.. القاهرة ظهرت على هامش الزيارة بأنها مختلفة كما فى الكتب، نظام سيطر على الشارع، فجأة بدون أى إعلان لم تعد هناك سيارة مركونة فى غير مكان مسموح به، مفيش أتوبيس مركون بالصدفة أو يتوقف خارج المساحة المخصصة له أمام المحطات، مفيش توك توك هارب ولا دراجة بخارية ضالة دون لوحة.. انضباط غير عادى وكان من اللافت أن المصريين ساهموا فى المشهد، على الأقل لم أرصد حالة ازدحام.. سيولة مرورية فاقت كل المرات.
الزيارة أكدت وأظهرت عددا من الملاحظات يجب التوقف عندها بداية من التأمين ومرورا باستجابة كل شرائح المجتمع لتعليمات الأمن وأيضا الشدة فى تطبيق التوجيهات الرسمية من الجهات المختصة وحالة الرضا وتقبل تلك التوجيهات من جانب الناس.
«تابلوه» ولا أجمل من كده ودليل قاطع بأن هناك حكومة وشعبا وقانونا وقوة عادلة فى تطبيقه وهى أمور كل علاقتنا بها أننا نكتب أو نقرأ عنها وندعو لها.
حاجة غريبة أن يكون لدينا بضاعة جيدة ومع الأسف محبوسة بالمخازن على ذمة السياسة وأسأل «هو احنا بنعذب نفسنا ليه فى الكتابة حول أحلامنا بشأن الشارع والمواطن والبلد والأحوال بشكل عام؟ هو ليه تاعبين نفسنا فى المطالبة بما يصحح من أحوالنا بشأن المرور والشارع والنظام المفقود وتعاملنا مع منشآت الدولة؟
هو ليه عمرنا اتسرق ونحن نطالب بالإصلاحات المتنوعة وتسهيل حياتنا وبحلول للمرور والإسكان والتعليم؟ ولماذا فى استعراض لمشاكل حياتنا نتهم الموظف وتركه ساعات العمل تضيع بدون إنتاج وتسكعه بالشارع والمحليات المعطلة لشئون الناس؟
«عمرنا ضاع» ونحن نبحث عن حلول ونستمع على رد من مسئول بفائدة ما نكتب والإشادة أو الغضب وما بين الموقفين نكتشف أننا نقف فى مكان واحد ونتحرك فى المساحة التى حددوها لنا فقط.
زيارة البابا فرنسيس كشفت لى أننا قادرون على تنفيذ ما أضعت عمرى لتحقيقه لبلدى وأهلى وأسرتى بل إننا نملك كل ما يحقق ذلك والدليل مصر أثناء زيارة بابا روما كانت هى من نريدها.
أسأل بدورى إذا كانت الحكومة لديها كل القوانين واللوائح المنظمة لحياتنا لماذا لا تأخذ بها إلا فى وجود البابا؟ ولماذا لا تتخذ الخطوات لتطبيق ما لديها من قوة وعدل فى تطبيق القانون؟ الحكومة لم تعترف بالواسطة أو الألقاب أو المكانة الاجتماعية لأى شخص عند تطبيقها لقوانين حكم مصر والتى كشفت عنها عمليا فى تنظيمها للحياة خلال زيارة بابا الفاتيكان.
الزيارة كشفت لى بأن الاستثناءات التى تمنحها الحكومة لبعض الفئات بدءا من انتظار السيارات مرورا بارتكاب المخالفات وتعطيل حياة الناس هى سبب لكل المشكلات التى تنغص حياتنا.
رجال المرور لم يفرطوا فى طلباتهم وحددوا مساحات يجب الابتعاد عنها ولم يخالف أحد فى الشوارع، لم يجرؤ سائق على تعطيل المرور، ظهرت القاهرة وكأنها بلد لم نره.
المحصلة أن ما نعانيه من مشكلات يرجع إلى الليونة وحزمة الاستثناءات فى تطبيق القانون وغياب العدل عن تطبيقه.
أسأل ماذا يمنع من أن نعيش أيامنا وكأن البابا فى زيارة دائمة لمصر؟ الأمر سهل والمسئول يعلم ذلك ولكنه مكسل يطبق.
لو إن إدارات البلد تعاملت بشدة مع الجميع بالطبع لن يجرؤ أحد علي مخالفة القانون، أفرجوا عن البضاعة الجيدة من المخازن كقواعد وقوانين وقيم حاكمة يمكنها أن تحل كل مشاكلنا.
«الحكاية عاوزه انضباط وشدة فى تطبيق القانون وخلاص وهو ما حدث أثناء زيارة البابا لمصر والذى اختفت فيها كل معاناتنا مع الخارجين على القانون أو الرافضين له».
«ولو الحكومة عاوزه تسهل حياتنا هتعملها ولو عاوزه انضباط بالشارع وحل لمشاكلنا بشكل عام هتعمل كده».
ولكن ما رأيناه يقول إن ما يحدث لنا من معاناة أو مشاكل وهموم مدبر وبفعل فاعل وقد يكون الفاعل هنا عدم رغبة أو غياب الإصرار أو كسل أوعن عمد.
الحكومة خافت على حياة بابا روما فنجحت وعليها أن تعاملنا بالمثل والكرة الآن فى ملعبها، هى القانون وهى المسئولة عن تطبيقه وهى تملك القوه وعدالة التطبيق.