لم أعد أعرف عدد عصابات المافيا، التى تتحكم فى حياتنا. إذ ما نكاد نخرج من سطوة مافيا ـ إذا خرجنا!! ـ حتى ندخل مافيا أخرى. وتلك من أهم علامات مصر الحديثة!!
ومصر تعانى من مافيا تتغير موسميًا، مافيا الأرز، مافيا السكر، مايا الزيت. مافيا لبن الأطفال. مافيا اللحوم. مافيا الأسماك. مافيا الفراخ. فضلاً عن مافيا العشوائيات، والقمامة، والباعة الجائلين. ومافيا القنوات الفضائية. فهل كل ذلك صنعته جماعة الإخوان.. أم نحن صانعوها؟!
وأمامنا الآن ـ وبعد أيام ـ مافيا المتاجرين بشهر رمضان الذى يعتبره كلهم فرصة ذهبية للتربح، ليس فقط من تجارة الياميش.. ولكن من المستفيدين مما يأكل الصائمون!! أى الصوم يعد مشكلة بسبب إصرار المصريين على تحويله من شهر للصيام والتقشف إلى شهر للإسراف والبذخ.
ومادامت اللحوم الحمراء باتت غير متاحة إلا للأثرياء وحدهم، دام فضلهم.. فلماذا لا يلجأ الصائمون الى الفراخ.. هنا دخلنا فى شباك هذه المافيا، وهى نوعان، مافيا مزارع الفراخ المحلية.. ومافيا مستوردى الفراخ من الخارج.. ووراء الكل مافيا مستوردى وتجار وصناع الأعلاف، التى يتعلل التجار بأنها السبب فى ارتفاع أسعار الفراخ المحلية.
وعندما حاولت الحكومة التدخل بإعفاء الفراخ المستوردة ـ ولو لمدة محددة ـ من بعض الجمارك حتى يجد المواطن فرخة بسعر معقول لأولاده.. ثارت مافيا أصحاب المزارع المحلية بدعوى أننا بذلك نقتل صناعة نستثمر فيها مئات المليارات.. ووعدوا بتثبيت سعر دواجنهم.. وعدم المغالاة فيها، إذا ألغت الحكومة هذا القرار.. واستجابت الحكومة.. ولكن مافيا المزارع المحلية لم تستجب. وهكذا قفزت أسعار الفراخ بسبب تصديق الحكومة لهذه المافيا. وكانت النتيجة أن تضاعفت أسعار الفراخ: حية. وطازجة. كاملة ومجزأة.. بريشها أو منظفة.. واسألوا بكم تباع الفراخ المحلية الآن.. وبأى أسعار.
وأمام الحكومة ـ إن كانت جادة لمساعدة المستهلكين ـ الفرصة الذهبية فتقوم باستيراد الفراخ الأجنبية بنفسها، بشرط ألا تلجأ إلى مافيا المستوردين. وبشرط ألا تشترى الفراخ التى تزيد مدة تجميدها على ثلاثة أشهر.. أو أن تشترى فراخًا يتبقى من مدة صلاحيتها ستة أشهر فقط.. لأنها ـ فى هذه الحالة- تكون قد تحولت الى مجرد ألياف وهى نوعية تباع فى بلادها بربع سعرها وهى طازجة.. ولا تعتمدوا هنا على مقولة أن «معدة المصرى تهضم الزلط» وألا تسمح بدخول أى دواجن تزيد مدة صلاحيتها على ستة أشهر، حتى ولو كانت سوف تستخدم للتصنيع.. لأن الكارثة هنا أنهم يضعون تاريخ الصلاحية من بدء تصنيعها وليس من تاريخ ذبحها!! وهكذا كل اللحوم والأسماك.
وكما مر مشروع قانون الهيئات القضائية، والتصديق عليه، فلماذا لا تمر عملية استيراد هذه الفراخ.. وبذلك تتوفر فى الأسواق خلال أيام.. أى تلحق بالصائمين.. وأن تعرضها الحكومة للبيع فى مراكز التوزيع الجديدة بواقع فرختين لكل مواطن.. دون أى وسيط.. وبهامش ربح يغطى التكاليف فقط.. مع المصاريف الإدارية.
على أن تفاجئ الحكومة مافيا الفراخ المحلية.. ومافيا مستوردى الفراخ الخارجية بوجودها.. وتوفرها فى الأسواق.. أما أن يصل سعر الفراخ المجمدة إلى 50 جنيهًا وأكثر للكيلو.. فهذا يعنى أنه ليس عندنا حكومة.. أو عندنا حكومة ولكنها تخشى من المافيا!!