فى القمة العربية الإسلامية الأمريكية، نبه الرئيس السيسى فى كلمته لضرورة وضع استراتيجية عالمية لمحاربة الإرهاب، ونادى بضرورة تجفيف مصادر التمويل والتجنيد وكل مصادر المساندة بما فيها الإعلام.
طرح جديد وشجاع نستمع إليه للمرة الأولى فى مثل هذه التجمعات، وفى وجود دول متورطة فى تقديم أشكال من المساندة والمساعدة للإرهابين بأشكال متنوعة.
الرئيس السيسى أحرج قطر وأمريكا ودوائر مخابرات وفرت للإرهابيين مختلف أنواع المساعدة والمساندة. كلنا يعلم أن تنظيم القاعدة فى أفغانستان صناعة أمريكية بتمويل عربى لمحاربة الروس وقت احتلالهم لأفغانستان، ثم تطور التنظيم بعد خروج الروس واختفاء العدو وحارب الأصدقاء وبقية السيناريو معروف وجبهة النصرة فى الشام بدأت بمباركة أمريكية وعربية، ثم انقلب المؤسسون بعد ذلك وبدأت الحرب ضد داعش. فى عملية المساندة الدولية للإرهاب، يتضح أن غياب تعريف محدد للإرهاب أدى إلى انقسام دولى نحو دور كل دولة فى مساندته.
أمريكا والغرب يريان أن العنف من جانب إسرائيل ضد الفلسطينيين، مبرر وهو دفاع عن النفس بينما رد الفعل الفلسطينى ضد التجاوزات الإسرائيلية إرهاب، وكأنهم يقولون للفلسطينى اذهب للموت راضيًا. أو ابتسم عندما يقتلك جندى إسرائيلى، دول تتعامل مع الإخوان كإرهابيين وأمريكا وإنجلترا وتركيا وقطر توفر الحماية لهم. فى ليبيا الغرب صدعنا بهجومه ضد المحاربين والمتطرفين، فى نفس الوقت يشترون البترول من تلك الجماعات، وهو ما يوفرالأموال لشراء المعدات والأسلحة، تلك التجمعات المتطرفة ويزيد من زمن الصراع ويبطئ من الحلول.
السيسى أحرج أمريكا وقطر وتركيا والغرب بشكل عام ودوائر عربية متورطة فى صناعة ومساندة الإرهاب بخلق بنية إيجابية لنموه واستمراره ليحقق الانزعاج والضغوط وليعطل حياة الشعوب. الإرهاب الموجود هو لتعطيل مسيرة الشعوب، ووقف عمليات ومحاولات النمو والتغير للأحسن. إنهم يريدون لنا ولغيرنا أن نظل فى حرب مع هذا الفيروس اللعين لاستنزاف مواردنا وحياتنا لنصل فى النهاية لنقطة الخراب. السيسى فى شجاعة، أشار لشركاء الإرهابيين وصانعيهم ووضعهم فى مأزق أمام شعوبهم والتاريخ. وليس بغريب أن تنزعج قطر ويخرج الأمير تميم كاشفًا عن وجه دولته المساند للمتطرفين ولإسرائيل ولحرق فلسطين باعترافه بحماس، وهو ما يلغى كل ما حققه الفلسطينيون من خطوات نحو الاستقلال وانحيازه لإيران على حساب دول الخليج. أمير قطر اعترف من خلال تصريحاته بأنه يؤيد ويساند الإرهاب فى عدد من الدول مثل سوريا وليبيا ومصر وغيرها من الدول. لا يمكن أن نغفل الدور الإعلامى التى توفره الدول الراعية والداعمة للإرهاب، وهو ما يسوق أفكار تلك التجمعات والتنظيمات ويجذب إليها الأفراد من دول العالم.
الملاحظ أن الرغبة فى محاربة الإرهاب والتطرف عادة ما تظهره الدول ونجد ذلك فى البيانات التى تخرج من قيادات تلك الدول تعقيبًا على عمليات إرهابية هنا وهناك وتدور حول التعزية والتضامن والمساندة وهى بيانات شكلية لا تساوي تكاليف الكتابة، حيث تقوم نفس تلك الدول بتوفير كل سبل الحياة لتلك التنظيمات المحرمة. من الواضح أن استقرار مصر كحالة يزعج عددا كبيرا من الدول وقوة مصر وصمودها ونجاحها فى الخروج قوية من محنتها ودخولها مرحلة الانطلاق بعد تعافٍ خبر غير سار للمتطرفين والدول الراعية لهم.
السيسى كشف اللعبة بشجاعة، وأوضح أن مصر فى معركتها مع الإرهاب تحارب دولًا وأجهزة مخابرات داعمة لهم وأن الوقت قد حان لوقف السيناريو الأسود. بالطبع عندما تصل ضربات المتطرفين إلى الدول الراعية أو المتضامنة أو المسانده لهم هنا تتغير الإرادات كما حدث مع تنظيم القاعدة فى أفغانستان وداعش فى العراق. الآن وبعد كلمة السيسى أمام القمة العربية الأمريكية، أصبح اللعب على المكشوف مع الدول الراعية لهذا الفيروس المؤذى للإنسانية. عليها أن تلغى من قاموسها تعريفها الخاص للإرهاب، الذي تحافظ من خلاله على مصالحها فقط دون أدنى اهتمام بمصالح غيرها أو تنسحب وتكشف للعالم عن موقعها من التأييد للإرهاب أو محاربته.
مسألة وقت فى متابعة لسلوك العالم مع قطر، ما أراه أن الغرب لم يفاجأ بتصريحات أميرها تميم بن حمد، وهو دليل على معرفة بازدواجية السلوك فى هذا الشأن.