موقف بعض الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة من نظام حكم الإخوان فى مصر ٢٠١٢ -٢٠١٣ كان يحمل علامات استفهام ولا يمكن تفسيره من منطلق أيديولوجى ولكن أثبتت الأيام أنه ينطلق من رؤية نفوذ ومصالح!
كانت هذه الدول تؤيد نظام حكم الإخوان وعندما قامت الثورة فى ٣٠ يونيو ليس فى القاهرة وحدها بل فى كل محافظات مصر من صعيدها إلى دلتاها من شرقها إلى غربها وهو الأمر الذى لم يتوقعه الإخوان وأعوانهم ولم تعترف هذه الدول بالنظام السياسى الجديد وأصروا على وصف ما حدث بأنه انقلاب عملت على لىّ الحقائق فى حين أن الثورة قلبت الموازين وأفشلت خطة لتفتيت مصر والدول العربية وكانت معدة للتنفيذ بمعرفة جهات غير عربية وبتواطؤ من بعض الأطراف الإقليمية المتعاونة مع نظام الإخوان الذى هو نفسه لم يكن سوى أداة لتنفيذ المخطط فى عام ٢٠١٣ لهدم الدولة المصرية!
منذ منتصف القرن العشرين كان يقلق الدول الاستعمارية التقليدية والدول التى يطلق عليها «دول عظمى» تنامى المنطقة العربية بعد الاستقلال واكتشاف النفط باحتياطيات لم تكن فى الحسبان وفى الوقت نفسه تعاظمت فكرة القومية العربية فى إطار إسلامى بشكل نقل تأثير العالم العربى من البعد الإقليمى إلى البعد الأممى ولهذا كان من الضرورى تحجيم القوة العربية والقضاء على الزعامات العربية والإسلامية آنذاك فكان عدوان يونيو ١٩٦٧ الذى يعتبر الضربة القاضية للنظام الناصرى فى مصر.
وفى نهاية السبعينيات من القرن الماضى عندما احتل السوفييت أفغانستان ظهرت فكرة أمريكية تتبنى الحركات العنيفة ومنها طالبان ومن ثم نجحت الولايات المتحدة فى إنشاء تنظيم القاعدة ليكون دوره مواجهة المد الشيوعى جنوبا حتى برزت مقولة «انقلاب السحر على الساحر» ولم يكن الهجوم على برجى التجارة العالمى فى نيويورك فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١ سوى ترجمة عملية لهذه المقولة!
وأثبت التدخل العسكرى الأمريكى فى الصومال وأفغانستان والعراق فشله ولهذا جاءت نظرية الفوضى الخلاقة التى مهدت لثورات الربيع العربى لتطوير فكرة العنف الذاتى إلى الانقلاب على دول المنطقة العربية من الداخل لإعادة رسم خريطتها بشكل لا يجعلها تقوم لها قائمة وتستخدم لتحقيق ذلك المنظمات الإرهابية التى خرجت من رحم تنظيم القاعدة مثل داعش وبعض الدول الإقليمية التى تبحث عن دور ومن بينها إيران! هذا الوضع يذكرنا باتفاقية سايكس بيكو بين الدول الاستعمارية التقليدية لاقتسام الدول العربية بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية فى النصف الأول من القرن العشرين مع الفارق أن الاستعمار هذه المرة ليس احتلالا عسكريا أو محاولة بسط نفوذ سياسى إنما تفتيت جيوبوليتيكى للعالم العربى بتدمير نفسه بنفسه.
نافلة القول إن سايكس بيكو ٢ أكثر خطورة من سايكس بيكو ١ ولهذا نجحت ثورة يونيو فى إفشال المخطط فى ذلك الوقت ما دعاهم إلى تأجيل المؤامرة وليس إلغاءها الأمر الذى يتطلب اليقظة فى المرحلة المقبلة إذا أردنا تفويت الفرصة على من يريد بناء أمجاده على الأشلاء العربية – لا قدر الله – وبالطبع لا يجب أن ننسى أن إسرائيل تتصدر قائمة المستفيدين من سايكس بيكو ٢!!