قد لا يعرف الكثيرون من داخل مصر أو خارجها سواء من العالم العربى أو باقى دول العالم كواليس وأسرار الجهود المصرية المضنية على مدار الشهور الماضية من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس خاصة أن الطريق لهذا الحلم الفلسطينى لم يكن مفروشًا بالورود أو بالنوايا الحسنة بل كانت هناك عراقيل ومصاعب بل ألغام حاول البعض زرعها فى هذا الطريق لنسف الجهود المصرية.
فالقرار المصرى الاستراتيجى الذى اتخذه الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ عدة أشهر بشأن السير فى هذا الطريق الشائك كان بمثابة رهانا مصريا جديدا من أجل إنهاء الانقسام الفلسطينى المستمر منذ 11 عامًا ووضع حد هذا الانقسام.
ففريق العمل المصرى الذى كلف بتلك المهمة من الرئيس عبدالفتاح السيسى ضم عددا من أكفأ القيادات والشخصيات المصرية المخابراتية والدبلوماسية الذين لديهم دراية عميقة بهذا الملف الشائك ولديهم علاقات وثيقة بأطراف الانقسام الفلسطينى ولديهم رصد للأطراف الخارجية التى كانت تخطط من أجل إفساد جهود المصالحة المصرية.
فالمهمة التى كلف بها هذا الفريق المصرى لم تكن سهلة ولم تكن مستحيلة وخريطة الطريق للوصول للحظة توقيع الاتفاق وقبول الأطراف الفلسطينية له ووصول حكومة الوفاق الفلسطينى إلى غزة تطلبت عقد أكثر من 100 جلسة تشاور واجتماع بين كل الأطراف وطرح رؤى مصرية هدفها الوصول للحظة الاتفاق وإنهاء الانقسام.
وفريق العمل المصرى استطاع دراسة وتحليل الكثير من الجهود السابقة من أجل تحقيق المصالحة ومسببات إخفائها رغم توقيع اتفاقات ومن أبرزها اتفاق مكة والذى وقع فى فبراير 2007، وأيضا ما سمى اتفاق الشاطئ فى إبريل 2014 حيث تم استخلاص الدروس المستفادة من تلك الجهود ومحاولة البناء عليها وطرح صيغة مقبولة وضرورة تقديم كل طرف أقصى قدر من التنازلات.
واستطاع فريق العمل بتوجيهات رئاسية من الرئيس عبدالفتاح السيسى تقديم بعض الضمانات المصرية لكل الأطراف وأيضا أبعاد ملف الخلاف الظاهرى بين مصر وحماس عن هذا الملف وأيضا عزل بعض الأطراف الخارجية وخاصة دولة قطر التى كانت تستفيد من هذا الانقسام.
ولعل من الكلمات والعبارات التى ترددت كثيرًا داخل جلسات التشاور عبارة التاريخ سيحاسب من يتسبب فى ضياع فرصة المصالحة وإنهاء الانقسام كما أن الشعب الفلسطينى سوف يحاسب من يتسبب فى ذلك وأن وحدة القوى الفلسطينية هى الضمانة الوحيدة لتحقيق حلم الفلسطينين فى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأبلغت مصر كل الأطراف الفلسطينية أن سعيها لإتمام تلك المصالحة لا تنتظر من ورائه كلمات شكر أو إشادة أو غيرها ولكنها مسئولية مصرية وعربية فى المقام الأول ومسئولية تاريخية تحملتها وتتحملها مصر عن طيب خاطر منذ سنوات طويلة وأنها لن تتخلى عنها على الإطلاق.
وبلا شك إن رفع العلم المصرى وعبارات تحيا مصر وصور الرئيس عبدالفتاح السيسى فى شوارع غزة كان تعبيرا حقيقيًا عن فرحة أبناء غزة بما تحقق من مصالحة غابت أكثر من 11 عاما وانقساما استمر سنوات لم يستفد منه سوى الاحتلال الإسرائيلى وشهداء فلسطينيون دفعوا دماءهم من أجل حلم الدولة الفلسطينية.
فالمصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح تعد بحق ضربة معلم من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأيضا صفعة مصرية جديدة لبعض الدول التى تدعم الإرهاب وسعت لجعل أبناء غزة خنجرا فى ظهر الأمن القومى المصرى على أرض سيناء وخاصة إمارة الإرهاب قطر وحليفها أردوغان ولا بد من مزيد من اليقظة لحماية تلك المصالحة من أى محاولات لإفسادها أو ضربها.
ومن حق الإعلام المصرى أن يفرح لتحقيق المصالحة ورفع أعلام مصر وصور السيسى داخل قطاع غزة ولكن لا يجب أن يهرول الإعلام بهذه الصورة التى شاهدناها فى الأيام الماضية والسباق الإعلامى المحموم من أجل إجراء حوارات مع قيادات حماس وأن ننتظر إلى حين تثبيت تلك المصالحة على أرض الواقع.
فالإعلام المصرى عليه أن يتوقف عن الهرولة نحو قطاع غزة واستضافة قيادات وشخصيات من حماس لاقتها اتهامات الشعب المصرى من قبل بدعم ومساندة الإرهاب فى سيناء وتورطها فى دماء الشهداء المصريين الذين سقطوا فى سيناء وألا نهون مما تحقق من ضربة معلم وأيضا ألا نهول مما تحقق.
تغريدة: أبلغت مصر كل الأطراف الفلسطينية أن سعيها لإتمام تلك المصالحة لا تنتظر من ورائه كلمات شكر أو إشادة أو غيرها ولكنها مسئولية مصرية وعربية فى المقام الأول ومسئولية تاريخية تحملتها وتتحملها مصر عن طيب خاطر منذ سنوات طويلة