اقرأ.. كانت أول أمر إلهى لرسول الله، صلى الله عليه وسلم.. اقرأ أمر الله لأفضل عباده.. اقرأ أى تعلم.. الله سبحانه وتعالى فرق بين العالم والذى لا يعلم.. الرسول، صلى الله عليه وسلم، جعل فدية الأسير تعليمه للمسلمين.. قدماء المصريين علموا العالم.. الحضارات بنيت على العلم ولم تبن على الحروب والقتال.. اليابان والصين وماليزيا وسنغافورة تسود العالم فى مجالات كثيرة بالعلم.. محمد على، بانى نهضة مصر الحديثة، كان مشروعه الأساسى بجوار إنشاء جيش قوى هو التعليم.. بنى المدارس والمعاهد وأرسل البعثات للخارج.
واليوم آن لمصر أن تكمل منظومة عمل ونجاح.. لدينا جيش قوى متطور مسلح بأحدث ما صنع فى ترسانات السلاح بالعالم.. لدينا بدايات نهضة اقتصادية وبدايات نهضة فى التعمير والبناء والصناعة.. ولكن الأهم هو المشروع القومى الذى يجب أن يتجه إليه المصريون جميعا حكومة وشعبا وهو التعليم.. التاريخ يحفظ لمحمد على بعد عشرات السنين ما قدمه لمصر.. ويذكر لعبدالناصر التأميم وبناء السد ويذكر للسادات حرب أكتوبر وسيظل يذكر لكل منهم مشروعه القومى، وآن الأوان لكى يكون لمصر مشروعها القومى فى العصر الحديث.
المشروع الأفضل والأهم لمستقبل الشعب هو التعليم الذى يواجه بحق أزمة حقيقية فى مصر حاليا.. وإذا كان للدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، مشروع أو تصور لمشروع قومى فيجب أن نناقشه ونلتف حوله، فبدون تطوير وإصلاح التعليم لن يجدى بناء مدن أو مصانع أو استصلاح مزارع.. وتطوير التعليم أو تحويله إلى مشروع قومى لن يحدث فى عام أو أعوام قليلة ولن نحسه غدا.. إذا كنا نرغب فى مستقبل تعليمى جيد فيجب أن نعمل على محاور عدة ومراحل مختلفة وأن يكون هدفنا هو جيل متعلم وأجيال تواجه الحياة بعد عشرين عاما مسلحة بالعلم وأن تكون لدينا خطة عاجلة لمحاولة علاج بعض القصور وتطوير بعض المناهج وأن نحاول ألا نخسر الأجيال الموجودة فى التعليم حاليا، ولكن البناء الحقيقى يجب أن يبدأ مع أطفال ما قبل المدرسة حاليا.. الإعداد الجيد لأطفال ما قبل المدرسة.. وفى المقابل إعداد المدرس أيضا عبر خطة عاجلة لتدريب معلمى الابتدائى الموجودين حاليا واختيار الأحدث منهم وعقد دورات تدريبية عاجلة قبل بداية العام القادم لنبدأ مع طالب السنة الأولى الابتدائية بتغيير المنهج والتخلص من حقيبة الكتب وربطه بالكمبيوتر واللاب والتاب. سيتساءل البعض: ومن أين وكيف يحدث ذلك، وميزانية التعليم ضعيفة والدولة مهمومة بعلاج فيروس سى وبناء مدن وإصلاح وتطوير مصانع؟!.. الآن لدينا حوالى ٢٠٠ ألف طفل سيدخلون المدارس، فنحن نحتاج إلى آلاف الأجهزة الحديثة، ولدينا رجال أعمال ومؤسسات مجتمع مدنى ومؤتمرات وحفلات تقام بعشرات الملايين لو تم توجيهها إلى المشروع القومى للتعليم سننجح. لو تم توجيه الضرائب على الملاهى والسجائر والسلع الترفيهية للتعليم سننجح. لو أعدنا ثقافة المشاركة لأبناء الوطن سننجح. لو خصصنا مصانع لذلك سنضمن تسويقا لمنتجاتها سنويا، ولو شارك أولياء الأمور بقسط شهرى بسيط سنستطيع تسليم كل طالب جهازا إلكترونيا يمكنه من التخلص من حقيبة الكتب، ويربطه، وهذا هو المهم، ببنك المعرفة الإلكترونية وهى مشروعات تحتاج إلى تسويق إعلامى وإلى أن يعرف الشعب ما يتم من إنجاز ومن محاولات لربط الشباب والطلاب بما يحدث فى العالم، فلدينا بنك معرفة يضم الكثير، أطلق منذ العام الماضى وأغلب شبابنا ما زال لا يعرف شيئا عنه والأسوأ أن هناك باحثين شبابا لم يحاولوا الوصول إليه عبر الإنترنت رغم وجودهم ساعات كاملة أمام وسائل التواصل الاجتماعى.
وضع مشروع قومى للتعليم واضح المعالم ومحدد التفاصيل ليس دور وزير التربية والتعليم وحده وإن كان هو المنوط بالتنفيذ، ولكن هناك مراكز بحثية وتجارب عالمية يجب الاستفادة منها وأن تخصص الحكومة اجتماعات متتالية مع مجلس النواب والمجالس المتخصصة لوضع هذا التصور، على أن تبدأ مرحلته الأولى مع العام الدراسى القادم، وأيضا على العام الجامعى القادم، والمهم أيضا إعداد المعلم، فلو وضعنا خططا وبرامج تدريبية لطلاب كلية التربية سيكون لدينا معلم يستطيع التواصل مع الأحدث فى العالم، فليست العبرة بأجهزة كمبيوتر ولاب مع الطالب والأستاذ لا يعرفان كيفية استعمالها.
لدينا فى مشروع التعليم الجديد أو مشروعنا القومى للتعليم ثلاثة محاور: منزل ومدرسة ومعلم، دون التكامل بين الجهات الثلاث لن يتحقق النجاح.. الأسرة تحتاج إلى توجيه وإلى تنمية ثقافة التعلم والتعليم، فلا معنى لأى جهد فى المدرسة سواء كان تربية أخلاقية أو وطنية أو تعليمية ثم يعود الطالب إلى منزله فلا يجد متابعة أو مناخا مساعدا سواء كان بالتوجيه وليس بالعقاب أو بالمساعدة فى عملية التثقيف بإتاحة مجالات مساعدة.
الضلع الأهم فى المثلث هو المعلم.. والمرحلة تبدأ معه من العام الجامعى الأول بكليات التربية بتوفير كل الإمكانات لهذه الكليات سواء من معامل أو أساتذة أو منح تعليمية.. صناعة المعلم هى الأساس فى المشروع القومى للتعليم.. وبعد أن نعد خريجا جامعيا على مستوى جيد تأتى فترة الصقل والتدريب ثم مواصلة ذلك بشكل دورى، وعلى التوازى يجب أن يكون لراتب المعلم وضع خاص يعوضه عن الاتجاه إلى الدروس الخصوصية ولو بشكل جزئى.. يجب أن يكون راتب المعلم فى المستوى الأعلى ثم نحاسبه مع توفير وسائل أخرى كتسهيلات فى الإسكان والسيارات والأندية والعلاج ليتفرغ المعلم للعملية التعليمية مع تدريب مستمر.
المشروع القومى للتعليم هو الحل فى الوصول إلى مستقبل جيد.. الاستثمار فى أبنائنا وبناتنا وليس البناء فقط لهم سيكون الخطوة الصحيحة لكى تضع مصر قدمها على طريق المستقبل الواعد.. إذا لم ننتبه إلى أهمية مشروع التعليم القومى فلا جدوى من أشياء كثيرة.. والرئيس السيسى يضع نصب عينيه ذلك فاختار عالما لقيادة العملية التعليمية، وعلى باقى الأجهزة أن تتيح لوزير التعليم فرصة للعمل وأن تساعده من أجل النجاح ليس نجاحه هو شخصيا ولكن نجاح مصر فى التحدى الكبير