ليست هذه المرة الأولي التي يخون فيها التوفيق الفريق أحمد شفيق.. ولكن تكررت كثيراً المواقف التي يخونه فيها الذكاء.. خاصة وأنه رجل يعرف ماذا يقول.. وليس شاباً غراً.. ولا عجوزاً مخرفاً.
فقد وقع شفيق وهو رئيس لوزراء مصر.. في الفخ الذي نصبه له يسري فوده في البرنامج التليفزيوني الشهير الذي قال فيه “إنه لا مانع من توزيع البون بون” علي المتظاهرين.. وكانت حلقة هزلية لا تتناسب مع الظرف الذي كانت تمر به البلاد حينئذ.. وانتهي الفخ باستقالة او اقالة شفيق في صباح اليوم التالي وكان سبباً في المزيد من تدهور الأوضاع.
وتقدم شفيق للترشح علي رئاسة الجمهورية ضد محمد مرسي العياط مرشح الإخوان. وكان المصريون منقسمين بين شفيق التابع لنظام مبارك الذي قامت عليه الثورة.. وبين العياط مرشح الجماعة.. وظهر وقتها تعبير “عاصرو الليمون”.. لأن الخيارين كلايهما مر.. وبعد أن حصل الفريق علي 49% من الأصوات.. توجه لأداء العمرة في “الامارات”.. وهرب من الميدان.. وبدلاً من أن يؤديها في خمسة أيام.. أقام هناك خمس سنوات!!
فإنني أعلم علم اليقين من خلال مصادر موثوقة.. وشهود عيان مقربين.. أن الأشقاء في دولة الإمارات أكرموا شفيق بما يفوق الخيال.. قصر منيف.. وسيارات فاخرة.. وخدم وحشم ومصروفات بلا حدود.. من ثم فإننا جميعا نضرب أخماساً في أسداس.. لماذا ادعي شفيق هذا الادعاء بأنه “محتجز” أو ممنوع من السفر من الإمارات؟.. وقد خرجت تغريدات أنور قرقاش وزير الدولة للشئون الخارجية بدولة الإمارات توضح الأمر.. وفي النهاية يصف تصرف شفيق بما قاله الشاعر.. إن أنت اكرمت اللئيم تمردا.
ثم سقطة اخري للفريق.. في قضية جزيرتي تيران وصنافير.. عندما خرج علينا في ظل الازمة ببيان ساخن يؤكد فيه ان الجزيرتين مصريتان.. وراح يسوق كلمات وتعبيرات يبدو منها أنه عليم ببواطن الأمور.. وخبير في كل العلوم.. ولم يمض أكثر من أربع وعشرين ساعة حتي خرج علينا ببيان آخر.. ينفي فيه كل ما قاله.. ويذكر أدلة عكس التي ساقها.. ويؤكد من جديد أن الجزيرتين سعوديتان.. وبعد ان اشعلها ناراً.. وأثار الفتنة.. قال إنه يتراجع لأن المعلومات التي كانت متوفرة لديه مغلوطة.
وهكذا اعتاد الفريق شفيق.. إثارة الفتن بآراء صادمة.. لا تتفق ولا تتناسب مع دوره الوطني وتاريخه سواء في القوات المسلحة أو في وزارة الطيران المدني او ما جاء بعد ذلك.. وهذا ما يثير تعجب واستغراب الجميع.. المقربين منه قبل غيرهم.
اما ما لم يصدقه عقل فهو خروج الفريق شفيق ببيان يختص به قناة الجزيرة الإرهابية التي تدعم الجماعات التكفيرية التي ترتكب المذابح في مصر.. وتدعم جماعة الإخوان المجرمة.. والسقطة الثانية في نفس هذا الموقف.. هو التجني علي دولة الإمارات الشقيقة وادعاؤه انها تمنعه من السفر.. وهنا نتساءل:
* لماذا اختار شفيق هذه القناة المعادية ليعلن منها ترشحه لرئاسة الجمهورية.. رغم علمه الكامل بمواقفها ومواقف المصريين منها ولماذا يختصها وحدها بالبيان دون غيرها من وسائل الإعلام والفضائيات التي اصبحت اكثر من الهم علي القلب؟
* لماذا انقلب شفيق وتنكر لدولة الإمارات.. وجاء بكلام مغلوط جملة وتفصيلاً.. وشهد بذلك المقربون منه؟
* لماذا أعلن شفيق ترشحه وهو في خارج البلاد.. وتعجل ذلك رغم انه مازال الوقت مبكراً علي فتح باب الترشح؟
* لماذا بدأ شفيق حديثه بادعاء تردي الخدمات في مصر.. وهو بعيد عنها؟
هذه التساؤلات لا يملك الإجابة عنها إلا شفيق نفسه.. لأننا لا يمكن أن نفتش في الأنفس.. وفي نفس الوقت لا نريد ان نتهكن بالنوايا.. ومع أن بعض المقربين من شفيق تصدوا للإجابة عنها وقالوا إنه لم يخص الجزيرة بالبيان الثاني وإنما لإحدي وكالات الانباء والقناة الحقيرة اخذته عن الوكالة.. لكن هذا غير صحيح.. لأن الجزيرة.. اكدت ان هذا البيان خاص له.. ونحن نعلم أن هذه القناة منبع الكذب والتدليس والتزوير.. لكن الفريق لم ينفها ذلك.
ومع ذلك نستطيع ان نخلص ببعض النتائج الواضحة.. وهي ان شفيق أراد ان يستطلع ردود الفعل علي قراره.. لكن جاءت الردود علي عكس ما يشتهي لأنه.. بدأ بطريق الخطأ في كل اختياراته.. كذلك فإن شفيق خسر “الجلد والسقط” بهذا التصرف.. وكما وصفه البعض بأنه “انتحار سياسي” وقضي علي فرصه في الترشح.. إن كان امامه فرص!!
هذا التصرف يؤكد أن شفيق يعلم علم اليقين انه لا يستطيع المنافسة في الانتخابات الرئاسية.. وليست له قاعدة جماهيرية.. لذلك يريد أن يظهر بدور “الضحية” ثم يعلن عدم ترشحه ليثبت انه تم ابعاده عن المشهد السياسي.. ويختلق حينها ازمة من غير لازمة.. ومن هنا فإنني استطيع ان أؤكد ان شفيق لن يترشح رسمياً لانتخابات رئاسة الجمهورية.
ومحاولة شفيق الوقيعة بين مصر والامارات في هذا الوقت ليست لها ما يبررها.. ولن تحدث لأن البلدين قيادة وحكومة وشعباً علي قلب رجل واحد واكبر من اي فتنة مهما كانت والحقيقة ان شفيق الذي هرب من الإخوان وقفز في المركب واحتضنته الإمارات.. لم يكن ذلك لسواد عيونه.. وإنما اكراماً لمصر في شخصه.. ولم ترده حين لجأ إليها وخرج من مصر خائفا يترقب.
ربما في الساعات أو الأيام القادمة.. تخرج الحقائق.. وحينها تذهب الظنون.
أخيراً لا أملك إلا أن أقول ما قاله الفنان محمد نجم في إحدي مسرحياته وكرره كثيراً “شفيق.. يا راجل”!!
وكلمة لابد منها.. فإن من حق شفيق أن يترشح ويعود إلي وطنه.. طالما لا يوجد مانع قانوني.. ولم يغضب الغاضبون من شفيق لأنه أعلن ترشحه.. وإنما بسبب تصرفاته كما ذكرنا أنفاً.