يتابع المصريون علي مدار الساعة حدثين كبيرين يؤثران علي مستقبل مصر وحاضرها أولهما المفاوضات بين مصر و إثيوبيا و السودان حول سد الخراب الإثيوبي و الحدث الثاني مسار الأحداث في الأزمة الليبية.
و بداية لا يصح أبدا أن نقول عليه سد النهضة الإثيوبي لأنه أداة لقتل الشعب المصري بأكمله و نعلم جميعا أن إسرائيل و أمريكا يديرون الأمور من خلف الستار لصالح الدولة الهشة التي تعاني من تعدد العرقيات و الصراعات بين شعوبها و كانت و مازالت في حروب مع جيرانها مثل حروبها مع أريتريا و السودان و أقامت السدود التي شردت مئات الألاف في كينيا و هكذا فإن إثيوبيا تستخدم السدود لتدمير كل دول حوض النيل و تتصرف مع النيل علي أنه ملكية خاصة لها و أن التفاوض علي تلك السدود هو اعتداء علي سيادتها و كأنها الدولة الوحيدة علي كوكب الأرض و كان القانون الدولي الذي ينظم العلاقات بين الدول برا و بحرا و جوا لا قيمة له .
دخلت مصر في المفاوضات مع إثيوبيا حول هذا السد الذي إن تم ملأه فسيصبح الخطر الأكبر عليها و علي السودان و الكل يعلم المراوغات الإثيوبية علي مدار تلك السنوات التي تحاول فيها إلغاء كل المعاهدات التي وقعت من قبل حول نهر النيل بل و ترفض تطبيق القانون الدولي نفسه علي أي معاهدات أو اتفاقيات مقبلة حتي لا يكون عليها أي التزام قانوني في ملء أو تشغيل السد الذي تعلم علم اليقين أنه مسألة وجود أو فناء مصر لأن مصر لا تستطيع العيش دون جريان نهر النيل علي أرضها .
اعتمدت مصر في إدارتها للأمور في ليبيا و إثيوبيا علي سياسة النفس الطويل و التجهيز والاستعداد و بمجرد أن تبلورت الأمور في ليبيا و بدت و كأنها سوريا جديدة يجلس فيها الأتراك و الروس لتقسيم الغنائم غيرت مصر الأحداث تماما بسياسة الخطوط الحمراء فقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن سرت و الجفرة خط أحمر لمصر و لن نسمح لأحد بالتقدم شبرا واحدا فيها فأصبحت مصر في صدارة من يتكلم عن الشأن الليبي الذي هو عمق مصر و حصلت علي شرعية التدخل من البرلمان الليبي المنتخب و علم الجميع أن مصر لن تتخلي عن الشعب الليبي و أنها لن تسمح بتقسيم ليبيا و ضياع ثرواته علي المرتزقة و ميلشياتها و الي دعم الاقتصاد التركي .
نعم تغيرت المعادلات في ليبيا و أصبحت تركيا تتلقي الدرس وراء الأخر في ليبيا و لعل تدمير منظومات الدفاع الجوي الحديثة في قاعدة الوطية في أقصي حدود ليبيا رسالة واضحة للجميع أن مصر تستطيع الوصول لأخر حدود الشقيقة ليبيا و تدمير قاعدة الوطية الجوية التي ظن الأتراك أنها ستكون قاعدة ينطلقون منها للاعتداء علي قوات الجيش الليبي.
الآن حان الوقت لأن تعلن مصر الخط الأحمر لأثيوبيا بأن ملء السد هو الخط الأحمر لمصر فقد أدرك الشعب المصري أن مصر أمسكت بزمام الأمور في ليبيا و علينا الآن نمسك بزمام الأمور في أزمة سد الخراب الأثيوبي و أنا علي يقين أن القيادة السياسية و الأجهزة المصرية القوية و الجيش المصري العظيم لديها من المعلومات و الخطط ما يمكنها من عبور هذه الأزمة الكبيرة ولكن الأنباء التي زادت في الأيام الأخيرة من عدة وكالات الأنباء المختلفة عن وجود صورا الأقمار الصناعية تؤكد بدء الملء للسد في استهتار واضح من أثيوبيا لهذه المفاوضات التي لا تنتهي و ليس لها أي عائد علي مصر .
الآن نتطلع للخط الأحمر المصري لأثيوبيا فنحن لن نقبل أن نموت من العطش و دمار الزراعة ولا نقبل أبدا أن يتحكم فينا الكيان الصهيوني عبر إثيوبيا و لا نقبل أبدا أن يستهين حكام إثيوبيا بالشعب المصري و لا قادته و لا جيشه العظيم الذي نحن كلنا جنوده بلا أدني تردد ولاشك .