بقلم – رائد العزاوي
انتهت حفلة الشواء الرياضى، هكذا خرجت معظم صحف العالم بهذا العنوان، وخرجنا نحن العرب أيضا من هذه الحفلة بنتائج لا تسر كثيرا من عشاق الرياضة، وكم من العرب ممن يعشقون الرياضة.
١٠٤ أعوام هو عمر مشاركة العرب فى الأوليمبياد، وللأوليمبياد عندى ذكريات جميلة وكثيرة بعضها يداعب السياسة وبعضها قريب من حالنا العربى المتردى فى كل شىء، لم نحصل على الكثير من كل هذه المشاركات، لم يكن بيدر حصاد العرب عامرا بالذهب والفضة والبرونز فنحن نملك المال لشراء هذه الميداليات، أما أن نحصل عليها بجهودنا وعرق رياضيينا فهذا أمر صعب المنال.
شارك ٢٦٨ رياضيا عربيا، يمثلون ٢٢ دولة، وكانت ١٤ ميدالية فقط، فازت بها ٨ دول، هى ٣ ذهبية و٣ فضية و٨ برونزية ما يلفت الانتباه أن نسوة العرب اللاتى يعانين الأمرين فى بلدانهن حققن نتائج كبيرة وعظيمة حملن الهم على أكتافهن وجاءت قبضاتهن لتضرب بقوة جدار الخذلان الذى تعيشه شقيقاتهن فى بلاد العرب.
جاءت النتائج فى بعضها هجينة، فبعض ما حصلنا عليه من ميداليات لا تحسب للعرق العربى أو الدم العربى فمن إفريقيا هجن العرب بعض حصادهم، شأنهم شأن المحاصيل الزراعية ولباسهم العربى الذى يصنع فى آسيا، وسياراتهم التى تصنع فى أرجاء المعمورة، فالمال وفير وكثير وبإمكاننا أن نشترى كل شيء.
نحن فى كل مرة نشارك من أجل المشاركة لا أكثر، لأن نكون رقما مضافا فى سجل الأوليمبياد وليس رقما فى معادلة نشارك لنحصد، هكذا كنا ولن يتغير حالنا فواقعنا الرياضى لا يختلف كثيرا عن واقعنا الاجتماعى والسياسى المتخبط فى كل شىء، وعلى هذا الأساس وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
انظروا معى إلى ألمانيا واليابان ودول كثيرة لا لا انتظروا، دعونا ننظر إلى دول أقل منا بكثير ماذا حققت وماذا جنى رياضيوها؟ ولماذا لم نصل نحن على الأقل إلى الحد الأدنى مما وصلوا إليه؟
ليس العيب فينا إنما العيب فيهم، فهم يصنعون الأبطال من سن الرابعة، ويصنعون المجد فى سن العاشرة، أما نحن فلا نصنع غير الموت، وحتى الموت لا نجيد صناعته فهو مستورد منهم وعلى حسب قياستهم التى هى أيضا من صناعتهم لأننا لا نجيد غير الكلام، وحتى هذه الصنعة «صناعة الكلام» لم نعد نجيدها، فيالا خيبتنا.
لا أريد أن أفسد الفرحة رغم أنى أريد أن أضرب «كرسى فى الكلوب» علنى أجد من يشعل شمعة ربما تكون تلك الشمعة بداية لموقف مع النفس وموقف حقيقى مع واقع الرياضة فى العالم العربى، وأيضا من يساعد تلك الفتيات اللاتى حققن نتائج حقيقية فعلية بعرقهن وتعب أسرهن. القليل يعرف أن التونسية مروة العمرى الحاصلة على برونزية المصارعة، جاءت من حى فقير جدا بتونس، حلمت هموم أسرتها، فهى البنت الوحيدة بين ثلاثة شباب كلهم عاطلون عن العمل، مثلها البطلة التونسية إيناس البوبكرى التى استدانت بدلة اللعب من زميلتها فى المنتخب التونسى. هكذا هن بطلاتنا العربيات، واجهن صعوبات كثيرة، فمنتخب مصر لرياضة الرقص المائى الذى حقق المركز السابع فى تقديرى كان الأفضل حتى من الفريق الأمريكى الحاصل على المركز الأول، وأيضا سارة عطار الرياضية السعودية البطلة ليس فى سباق ٨٠٠ متر بل البطلة التى واجهت شبابا تحرشوا بها عندما ركضت على كورنيش جدة وصممت أن تشارك فى أوليمبياد لندن ٢٠١٢ وأخيرا ريو ٢٠١٦، وكانت فخرنا وهى تنطلق بين عداءات العالم وكانت نظراتها تقول لهولاء أشباه الرجال على كورنيش جدة، ها أنا سارة العطار فمن أنتم؟
أما بنات مصر ففى المقدمة وعلينا ألا نفتخر بهن وحسب بل علينا أن نقف طويلا أمامهن لنقول لهن «آسفين» لم نرعكن كما ينبغى وأنتن الرافعات الرايات نصرا وعزا فطوبى لمن أنجبتكن وربتكن لتكونن بطلات أوليمبياد. قصصهن كثيرة وأيضا عظيمة وكبيرة أكبر منا نحن رجال العرب، فليس منا قائم عليهن فهن القائمات على أنفسهن وعلى أبنائهن وعلى أسرهن، فطوبى لهن، حملننا تسعا وخطنا علينا من سمر جلودهن، وأنظم لهن من قلائد الحروف خير التهانى بنصرهن، فلولا جهدهن لعدنا بخفى حنين من ريو ٢٠١٦، وأنا وكل من كتب فى خانته الصنف رجل ننتظركن فى طوكيو ٢٠٢٠.