The Furnace بمثابة محاولة الكاتب والمخرج رودريك ماكاي لأول مرة لتسليط الضوء على ذلك الماضي غير المعروف؛ أنها فترة من التاريخ الأسترالي تم إهمالها إلى حد كبير؛ محاولا أستخراج قصص غنية جدًا بالتفاصيل وموجودة خارج نطاق التركيز الضيق الذي يقدم تلك الأعمال؛ لنرى هذا العالم مع أيضا بشكل مختلف.
وسط صورة لها مدلولها الانساني والتاريخي؛ لرجال يرتدون عمائم ومحاطون بالإبل؛ قرر المخرج «رودريك ماكاي» أن ينير الشاشة الفضية بفكرة بها العديد من الشجن الممزوج بالحلم؛ ومن هنا كان فيلم The Furnace المعروف في مهرجان الجونة بأسم حارس الذهب؛ نحن هنا في صدد الاقتراب من جزء غير مرصود من تاريخ أستراليا؛ الكثيرون كان لايعلمون عنه شيئا حتى وقت قريب؛ أنها أقصوصة لرجال من جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية؛ معروفين باسم «cameleers » وهم الأفغان أو «الغان»، سائقي الجمال الذين عملوا في المناطق النائية بأستراليا من ستينيات القرن التاسع عشر إلى الثلاثينيات؛ وغالبيتهم من الهنود أو الأفغان المسلمون، ومعهم أقلية من السيخ من منطقة البنجاب. وأعتمد فيلم The Furnace على رواية كتبها ماكاى .
نحن في فيلم The Furnace في أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر، حيث كانت الإمبراطورية البريطانية ممتدة بين ربوع العالم؛ لنبدأ مع المخرج وأبطاله «حنيف» (أحمد مالك) وأحد لصوص الذهب وأدى دوره «ديفيد وينهام» تشاركهم البيئة القاسية للصحراء والمناطق النائية والقاسية فيها بطولة الفيلم أيضا؛ لأن الصورة فى حد ذاته بكل مابها من عذرية أضافت عمقا للأحداث؛ حيث الجميع يرتدون ملابس رثة وكانها تضاهى الحياة الصخرية المحيطة بهم فى قسوتها؛ لذلك أنت لن تتعجب من الفظائع التى تراها على الشاشة فالتاريخ ملئ بحكايات أكثر دموية عن أحداث من قبل الأستراليين البيض تجاه «الغان»، الذين كانوا في الغالب من الفرس والأفغان والأتراك والمصريين والهنود؛ و«الغان» مستخدمي الإبل في نقل البضائع عبر البلادرغم أنه السبب فى تشكيل الحياة بعد ذلك .
ولقد أختار مدير التصوير مكان رائع فى غرب أستراليا مكان يتميز بالوحشية البرية؛ حتى أن فريق الإنتاج اضطر إلى تسوية الطرق حتى يتمكنوا من نقل المعدات.
في جوف الليل، وسط الصحراء عثر حنيف على رجل أبيض يدعى مال (ديفيد وينهام)، مصاب برصاصة؛ وفي حقيبة سرجه، توجد سبائك ذهبية بقيمة 3000 جنيه إسترليني، تحمل كل واحدة منها علامة التاج؛ يقنعه «مال» بمساعدته لنقل الذهب إلى فرن في بلدة ذات حصان واحد تسمى كالجورلي، بينما رجال الأمبراطورية البريطانية يسعون ورائه. لنعيش معهم فى كل منعطف ومسار تفاصيل حلم الذهب؛ وكل ما يمكننا فعله هو الانخراط فى متابعة الأحداث التى أحيانا يغلب عليها التطويل وهبوط الأيقاع .
وفى الحقيقة ساعد المخرج كثيرا فى تقديم فيلم The Furnace أن ثمة حنين في أستراليا للعودة إلى الماضي؛ وعدم إغفال تاريخي ضخم يحتاج إلى تصحيح العديد من الأفكار عنه؛ وبالطبع نحن لسنا أمام درسا فى التاريخ ولكن أستلهام لروحه؛ وخاصة من خلال شخصية وينهام التى شاركت في مذبحة كالكادون الواقعية عام 1884 ، والتي قتل فيها المئات من السكان الأصليين الأستراليين على أيدي الشرطة والمستعمرين؛ والتي حكى عنها «مال» الذي نكتشف أن أسمه الحقيقى «أرثر» وهذا ما أخبر به «حنيف» في مشهد لايستغرق ثواني على الشاشة قبل أن يتجه إلى شيطانه الذي يطارده ليقدم جسده قربانا له؛ حيث يجد «حنيف» جسده مشوها بعد قتله.
وتستمر الأحداث من أجل السبائك الذهبية، التي تزن 400 أوقية ومختومة بتاج الملكة، ويتعاون الثنائي المتناقض فى الهروب من رقيب شرطة المتعصب وجنوده للوصول إلى فرن سري لصهر الذهب، لإزالة ختم تاج الملكة؛ حيث نجد هناك نوعا أخر من القسوة والبربرية يقوم بها مجموعة من الصينيون الذين يصهرون الذهب فى الفرن ؛حيثوا يقومون بتفريغ بطن أحد الرجال من أجل أخفاء الذهب.
الطريف أن المخرج جعل شخصيات فيلمه يتكلمون بلغة Badimaya ، وهي أحدى اللغات المهددة بالانقراض لأن قلة قليلة من الناس يتحدثونها ورغم أن اللجوء الى تلك اللغة به مشقة كبيرة إلا أن فى النهاية أعطى مغزى وثراءا كبير للأحداث.
ويسير أحمد مالك فى شخصية حنيف بهدوء نحو ميلاد نجم عالمى له قدرة على التحكم فى لغة الجسد؛ وتمكن من الاداء الصوتى المعبر؛ مع الالمام بالتفاصيل الدقيقة فى الشخصية؛ وأعتقد أن فيلم The Furnace سيكون نقطة فارقة فى مستقبله الفني.
وفى الحقيقة أن الفيلم الأسترالي The Furnace من إخراج رودريك ماكاي وبطولة أحمد مالك وديفيد وينهام؛ يعزف بأقتدار على حالتى الرغبة في العودة إلى الديار والأندفاع فى المغامرة من أجل الحصول على الذهب وجلب الثروة طائلة؛ فى تجربة فنية جديدة للأفلام التى تدور فى الصحراء ؛والتى تعيد أكتشاف الماضى الذى لانعرف عنه الكثير.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية