هل تصدقني أذا قلت لك أن صعود اليميني تجاوز الخيال السينمائي؛ فمنذ سنوات عدة كان هناك كان فيلم «المحاربة» الذي يحكي حكاية الشابة ماريسا، وهي مراهقة تعيش في الريف الألماني الشرقي، وتربطها صداقة متينة مع مجموعة من الأصدقاء الشبان من الوسط اليميني المتطرف.
و فيلم «المحاربة» هز المشاهد من الأعماق؛ و نجح المخرج في تقديم فيلم يسلط الضوء على اليمين المتطرف وقدم مخرجه فنينت إجابات عديدة عن سلسلة هامة من الأسئلة؛ ربما لم يفعلها «وغداً العالم بأكمله».
من هذا المنظور السياسي يمكن رؤية الفيلم الألماني UND MORGEN DIE GANZE WELT أو «وغداً العالم بأكمله» ولكن من كمنطلق أنها سينما شابة وشجاعة ومفعمة بالحيوية ولا تخشى الإساءة في كل الاتجاهات.
الفيلم شارك في المسابقة في مهرجان فينسيا السينمائي، ويعرض في مهرجان الجونة ضمن مسابقة الأفلام غير الرسمية وكأنه استكمالا لأطروحة جوليا فون هاينز (ما يهم في النهاية ) .
وهناك أكثر من عمل فني عرض وتناول سيرة عناصر يمينة متطرفة في أوروبا بعيدا عن الشكل التقليدي لتلك العناصر، والذي كان معتادا أن يظهر كثيرا ويركز على الجماعات الإسلامية التكفيرية، واللافت أن الأفلام تحديدا كانت تسرد وقائع بذاتها.
ويظل السؤال الأبدي هل المقاومة بالعنف أو بدونه؛ وكأنه تداعيات لعبة «الدومينو» وخاصة أن حزب البديل من أجل ألمانيا أجاد لعب الدور بذكاء واسقط أحزاب عريقة مثل الحزب المسيحي الديمقراطي.
والمشكلة لم تعد تكمن في الوضع الداخلي فى الحزب المسيحي بقدر ما أن هذا الحزب هو من يتراس الائتلاف الحاكم، والأكثر تعقيدا، وأن شريكه الحزب الإشتراكي الديمقراطي، هو الآخر خسر الكثير من شعبيته، التي تدنت، خاصة في شرق ألمانيا وأصبحت قريبة جدا من حزب البديل.
السينما مرآة المجتمع وما تشهده ألمانيا في الوقت الحاضر؛ ويراه الجميع تهديدا للنظام الديمقراطي، بأجتياح اليمين المتطرف والتيارات الشعبوية المشهد السياسي والمجتمع الألماني؛ مؤشر خطير في تاريخ ألمانيا السياسي؛ وبالتالي تتصد له السينما محذرة من تمدد اليمين المتطرف شمال غرب أوروبا في ألمانيا، إيطاليا، النمسا وغيرها من عواصم أوروبا.
نحن أما أقصوصة لويزا (مالا إيمدي) البالغة من العمر 20 عامًا ، والمنحدرة من عائلة كبيرة؛ وتدرس القانون في الفصل الدراسي الأول لها.
وهي تريد تغيير شيء ما في ألمانيا، بسبب الانزعاج من التحول إلى اليمين في البلاد وزيادة شعبية الأحزاب الشعبوية، تتحد هي وأصدقاؤها لاتخاذ موقف واضح ضد الفاشيين وتشاركها الأفكار (نوح سافيدرا) وصديقه المفضل لينور (تونيو شنايدر)؛ وللأسف أن جميعهم يرون أن استخدام القوة هو وسيلة مسموح بها للمقاومة؛ حتى لو كان لذلك عواقب وخيمة عليها وعلى أصدقائها .
الفيلم يبدأ بجزء من أغنية دعاية اشتراكية وطنية هناك تقول بوضوح «ألمانيا ملك لنا اليوم والعالم بأسره غدًا»، وتلاه ذكر المادة 20 من القانون الأساسي؛ الطريف أن المخرجة جولي فون هاينز لا تعطى أجابات واضحة عن كل مايحدث؛ وترفض باستمرار إعطاء إجابات قاطعة سياسياً .
ومن الواضح أن جوليا فون هاينز لم تشكل رأيًا نهائيًا بعد حول التجارب التي حدثت في ذلك الوقت؛ و هو أحد نقاط القوة المركزية لـ «وغدًا العالم بأكله»؛ بل وتؤكد أنه إذا كنت تريد أن تجعل العالم مكانًا أفضل، فإن عددًا مذهلاً من الأشخاص يقفون في طريقك بسرعة.
من المعروف أن فيلم «وغدًا العالم بأكمله» كان سيصبح فيلمًا تاريخيًا ولكن جوليا فون هاينز رأت أن المادة تتناسب تمامًا مع الحاضر.
رغم أنه لا تزال هناك بقايا من الأجيال السابقة من الاحتجاجات؛ حيث يلعب أندرياس لاست «ميونخ» دور المحارب المخضرم في أنتيفا ديتمار، الذي ذهب ذات مرة إلى السجن من أجل القضية ومع ذلك يمنح الثلاثي الشاب المأوى؛ ولكننا نكتشف شيئا مؤلما عن الصراع بين الأجيال مثل ديتمار وجولياس.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية