ليس هناك تعريف محدد لمفهوم حقوق الإنسان، ويختلف الأمر من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة لأخري.
ويرى فلاسفة وعلماء الاجتماع فى الغرب أن حقوق الإنسان هي المبادئ الأخلاقية والمعايير الاجتماعية التى تعد نموذجاً للسلوك البشري، وأيضاً هي مجموعة الحقوق الأساسية التي لا يجوز المساس بها للشخص كونه إنسانا بغض النظر عن هويته أو لغته أو دينه أو أصله العرقي أو مكان وجوده وحماية هذه الحقوق ضرورة قانونية محلية ودولية ومتساوية لكل الناس، ولا تنتزع إلا بإجراءات قانونية.
وبإقرار هذه الحقوق فإن العالم يتمتع بالعدل والحرية وتحقيق السلام المجتمعي محلياً ودولياً.. وبدون هذه الحقوق أو إغفالها وازدراء الإنسان فإنه أمر يؤدي إلى الفوضى والكوارث ضد الإنسانية وهو ما أكدته الأمم المتحدة باعتبار أن الضمانات القانونية العالمية لحماية الأفراد أحد مكونات حماية الإنسان من الإزدراء والكراهية والعنصرية وكل ما يمس حريته وكرامته.
إذًا، هذه هى رؤية الغرب لحقوق الإنسان. واعتقاده بأنه النموذج المثالي في احترام وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان إلى حد أنه بدا في أحيان كثيرة راعيا لحقوق الإنسان في العالم وتوجيه النقد إلى دول كثيرة بزعم أنها لا تراعى هذه الحقوق أو تجور عليها، واتخذ من إعلامه الرائد والمؤثر وسيلة للضغط على دول كثيرة في هذا الشأن، ووصلت إلى حد التدخل في الشئون الداخلية للدول، وتجاهل ثقافاتها وقيمها ومعتقداتها الدينية والاجتماعية، في تناقض شديد مع مبادئ حقوق الإنسان ذاتها التي ترسخ لاحترام ثقافات ومعتقدات الآخر، وهو أمر كشف عن الخديعة الكبرى التي وقعنا فيها كدول نامية عندما وقفنا ندافع عن أنفسنا لدرء هذه التهمة والإعلان عن احترامنا لحقوق الإنسان.
أمام هذه الحكومات الغربية ومنظماتها الممولة بأموال مشبوهة ولأهداف محددة هي نشر ثقافة وقيم هذه المجتمعات داخل مجتمعاتنا، رغم أن كثيرا منها يخالف شرائعنا الدينية وقيمنا الروحية وثقافتنا التي تضرب في أعماق التاريخ ولا تتماشى مع مجتمعنا أو مجتمعات أخري.
وليس بالضرورة أن تكون الثقافة والقيم الغربية هي الصحيحة ويجب أن تسود، ورغم اعترافنا بأن هذه الدول حققت نمواً اقتصادياً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بفضل الثورة الصناعية نتج عنه تقدم وتحضر وممارسات ديمقراطية داخلية من أجل مصالحها الذاتية واستقرار مجتمعاتها.
إلا أنها وبكل وضوح لم تسمُ الى مبادئ المساواة والعدالة والحق والسلام في علاقاتها الدولية أو مع دول العالم الخارجى بدليل أن بعضها يحتل دولاً والآخر يثير الصراعات العرقية والفتن الطائفية داخل دول كثيرة.
وأخرى مازالت تستنزف موارد دول أخرى وغيرها من السياسات التى تتعارض مع كل القيم الأخلاقية ومفاهيم حقوق الانسان.
نحن الآن أمام تناقض شديد لكل المفاهيم الأخلاقية ومبادئ حقوق الإنسان لدول الغرب التي باتت تنشر الكراهية وتثير المشاعر والغضب وتشعل الفتن باسم حقوق الإنسان في سقطة مدوية لشعاراتها الزائفة عندما سمحت بنشر صور مسيئة للرسول الكريم، متجاهلة كل مبادئ احترام حقوق الآخر.
وهى تعى جيداً أن المواطن ربما يتساهل أو يتجاوز عن بعض حقوقه الشخصية ولكنه لا يتساهل في معتقداته الدينية وربما العرقية.
وكما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطابه بمناسبة مولد النبى الكريم بأن المصطفى كان المؤسس للتعايش وقبول الآخر والإيمان بالتنوع فلا إكراه في الدين وهو انتصار لحرية الاختيار والاعتقاد وحرية الإيمان والفكر.
وإذا كان الرسول الكريم ذاته قد قال «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» فهل هناك قيم أسمى وأكبر من تمام مكارم الأخلاق والاعتراف واحترام كل الرسل والرسالات السماوية.
إن ما يحدث فى بعض الدول الأوروبية من حوادث هنا وهناك نرفضها جميعاً وسبق وأعلنت مصر ر فضها، كما أعلن الأزهر الشريف رفضها وإدانتها.
إنما يعود السبب فيها إلى دول أوروبا ذاتها التي أسقطت وتجاهلت كل مبادئ حقوق الإنسان، ولم تراعِ مشاعر أكثر من مليار و700 مليون نسمة في كل دول العالم.
والأسوأ أنها مازالت تخلط عن عمد ما يفعله قلة قليلة من أتباع الدين ومحتوى الدين نفسه بدليل أنها تسيء إلى الدين ذاته وإلى الرسول الكريم لأهداف سياسية وقضايا اقتصادية أو تحضيرا لمعارك انتخابية مع اليمين المتطرف الذي أصبح أشد خطورة من بعض المتطرفين المنتسبين للمسلمين.
حمى الله مصر من كل سوء.
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية