لم اصدق الخبر.. حافظ أبوسعدة.. توفي.. سنوات طويله مرت منذ ان تعارفنا في نهاية الثمانينيات.. مشاوير طويله قطعناها.. لقاءات اجتماعات رحلات.. همنا واحد وهو كيف يعيش الانسان حرا في بلده.. وكيف نحافظ على البلد من أي مندس او زاعم او مدعٍ انه حقوقي.
لقد فقدت صديقاً ومناضلاً حقيقياً من أجل الحرية وظل ثابتاً على مبادئه وتحمل مسئوليه كل ما تعرضت له حركة حقوق الانسان المصرية على مدار السنوات الماضية وظل مدافعا عنها وبقي يعبر عن أفكاره وآرائه في الوقت الذي هرب فيه الآخرون الى الخارج ويدعون انهم مناضلون.
حافظ دفع ثمن مواقفه بداية من قضية التنظيم الناصري المسلح وقضية الكشح وتحمل السجن وما تعرض داخله من إهانة وتعذيب وأصر على البقاء في مصر واعتلى امانه المنظمة المصرية ثم رئاستها وأصبح عضوا في المكتب التنفيذي للمنظمة العربية لحقوق الانسان وعضوا في المجلس القومي لحقوق الانسان.
عرفت حافظ أبوسعدة منذ عام 1988 وفى الأسبوع الماضي كانت آخر محادثه على الواتس وهو في المستشفى لم يتغير فقد صاحب ضحكة صافية ورؤية ثاقبة وتحليل قوى يستند الى فهم كبير لأي قضية يتحدث فيها.

لقد كان مصرا على مقاومه الفيروس اللعين كورونا.. مثلما قاوم السجن عدة مرات.. ومثلما قاوم الظلم وتلفيق الاتهامات له مرات.. كان صديقي يملك رؤية قيادية سبق بها جيله ووضعته في مقدمه مناضلي حقوق الانسان في العالم كله وجعلته واحدا ممن يشار اليه بالبنان في كل مكان تطأ قدمه فيه في أي دوله عربية.
كان يعمل من أجل أهداف ساميه اهمها حماية حقوق الناس وحقوق الشعوب معا.. من خلال المنظمة المصرية لحقوق الانسان والمنظمة العربية لحقوق الانسان.. حافظ على الأولى في أعتى الأوقات عندما تخلى عنها الاخرون مفضلين الهروب منها بدلا من مواجهة مشاكلها وعملها.. وادارها بحكمة وتصدى لكل محاولات السيطرة عليها من الأحزاب السياسية والحركات والجماعات التي حاولت التسلل اليها وتحويل دفتها لصالحهم
فقد تمكن حافظ في إدارة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في ظل الإعصار الذي عاشته البلاد بين ٢٠١١ و٢٠١٤، ونجح في التوفيق بين الانتصار لمعايير حقوق الإنسان وبين غايتها الجوهرية في حماية السلم الاجتماعي والمصالح الوطنية العليا للبلاد.
فمنذ اول رحله سويا الى تونس في دوره منذر عنبتاوي في عام 1991 وحتى آخر رحله كانت في العام الماضي في المجلس الدولي لحقوق الانسان في جنيف كانت بيننا حوارات ولقاءات يطرح كل ما لديه من أفكار بسلاسة وسهولة ويملك قدرة كبيرة على الاقناع.
وجاء الفيروس اللعين كورونا ليبعدنا وكان حديثنا هاتفيا او على الواتس حتى أبلغوني انه اصيب به وانه في العناية المركزة وتواصلت معه على الواتس وفى آخر رسالة قال لي يومان وسأخرج من العناية المركزة.. ولكنه لم يخرج ليذهب الى مكتبه او الى منزله ولكن ذهب الى منزله أخرى مع الأنبياء والصديقين
رحم الله صديقي الدكتور حافظ أبوسعدة وألهم زوجته وأبناءه وأشقاءه الصبر والسلوان ولا نملك الا الدعاء له بالرحمة والمغفرة وان يدخله فسيح جناته.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا