من الخائن أليست أنفسنا التي تعبث بنا مع كل محطة؟
ومن يكون الخائن أليس ذلك الذي لا يلتزم بوعوده، ذلك الذي يطعن أحاسيسنا بمئات الخناجر والسهام المتبعثرة.
و هل نتخيل لبرهة كم عدد الخائنين ، بداية من أنفسنا التي تخوننا عندما تستسلم و تنكسر . وأفكارنا التي تتشتت و تنسى كل شيء، و تركض وراء المجهول ،حتى أننا قد نعمى عن رؤية الحقيقة و الواقع كما هو ،لكن هي فلسفة الحياة ،فلماذا نلوم الخائنين و نحن قد خانتنا أنفسنا .
قد خانتنا ثقتنا ،خانتنا السعادة و بقينا سجناء داخل زنزانة الحزن و الوحدة . نبكي على تلك الصفعة من الحياة و نسينا أن جلادنا هي تلك المشاعر التي تجلدنا بدون حتى إنذار. و بدون أن تترك لنا الفرصة أن نحاسب أنفسنا على ما قد جنيناه من جروح لا تشفى مع الزمن
نرثى حالنا لنجوم فهي أنيسة دربنا ووحدتنا لكنها أيضا تخوننا وتختفي لنختنق مع أنفسنا أكثر مع ظلام سائد لا تضيئه نجمة واحدة
نتساءل ونعيد في كل مرة نفس السؤال لكن الحيرة تزداد أكثر مع كل سؤال لا نجد له إجابة
ربما تخوننا دموعنا في كل ليلة نعجز أن نفهم فيها حقيقة الواقع الذي نعيشه. وما يتعبنا أكثر الألغاز المتبعثرة في كل مكان من زوايا تفكيرنا
قلة الحيلة
ما يتعبنا قلة الحيلة وقلة الصبر، ما يتعبنا أننا دائما ما يخوننا التسرع والتعجل. لم نتعلم بعد الصبر و الحكمة فمن الخائن في هذه الحالة؟
أليست أنفسنا التي تجلدنا بدون ذنب فقط لرغبة منها في أن تسبق عجلة الزمن و الأحداث. و هي عابثة بنا مثلما شاءت على أوتار الماضي و المستقبل حتى جعلتنا ننسى لوهلة أننا في الحاضر لنتحسر فيما بعد عن حاضر أصبح ماضي و صفحة انطوت مع كتاب لم نقرأ بعد سطوره و لا حتى عنوانه ربما هو بدون حتى عنوان ،كتاب لم يسمح لنا الزمن بأن نكتب كل صفحاته ،تجاهلنا كل لحظة و ثانية لم نعشها بكل تفاصيلها ،ثم يقتلنا التحسر على الزمن الذي قد ضاع و نمضي الأيام تلو الأيام في التحسر و نضيع في هذا العالم الشاسع الذي لا نفهمه و العالم الآخر الذي هو أيضا مجهول
فمن الخائن أليست أنفسنا التي تعبث بنا في كل محطة دون أن نعلم إلى أين هي. تمضي بل هي تمضي مع كل يوم لم تتصالح فيه أنت مع الحياة بل أعلنت رفضها وأنت تغوص في أعماقها لتفهمها. لكنك تفشل في كل مرة أن تجد الإجابة المقنعة التي تهدئ ذلك البركان الذي يكاد ينفجر داخل عقلك مع ثوران أفكارك التي تثور مثل العواصف، و لا زالت تطرح كل ثانية سؤال و ما يعذبك أنك إلى الآن لم تفهم المغزى من كل الصراعات التي تعيشها بين تحقيق السعادة المنشودة و إثبات الوجود و الخوف و التحدي