يوم الأربعاء الدامي .. هذا أبسط وصف لما شهدته العاصمة الأمريكية واشنطن. من أحداث عنف عندما اقتحم أنصار الرئيس الأمريكي ترامب مقر مجلس النواب «الكابيتول» ودخلوا مكاتبه ودنسوها. وأسفرت عن مقتل 4 أشخاص.
الدماء التي سالت داخل أروقة هذا المبنى الكبير – والذي يعتبره الأمريكيون أنه رمزا للديمقراطية وكل زائر لواشنطن يجب عليه زيارته – ستظل نقطة فاصلة في تاريخها.
في عام 1996 زرنا هذا المبنى ودخلنا إليه دون أن يسألنا أحد من نحن..كل ما تم أننا عبرنا عبر البوابات الإلكترونية فقط لاغير. وزرنا أروقته فهو أسهل مكان يمكن زيارته في واشنطن.. كما يوجد أماكن لتجمع ما يسمى أعضاء «اللوبيات» للضغط على الأعضاء من أجل قضية معينة أو الالتقاء بهم وكانت هناك رحلات لأطفال المدارس الابتدائية.
ولكن ما حدث يوم الأربعاء الدامي هو انتكاسة حقيقية للديمقراطية الأمريكية.. خاصة وأن الرئيس الأمريكي المهزوم مُصر على أن الانتخابات الأخيرة مزروة. وبالتالي انتقل هذا التأكيد إلى أنصاره وجماعات الفوضى التي عادت بقوة إلى الولايات المتحدة. وأصبحت جماعات منظمة رغم أنها ضد كل ما هو منظم.
فأحداث مبنى الكابيتول ستظل عالقة في الأذهان وستكون نقطة ضعف في أي حديث أمريكي عن الديمقراطية وعن الحريات وعن حقوق الأقليات.. و بالتالي يجب أن تتوقف الأدارة الأمريكية ولسنوات طويلة عن لعب دور الراعي الرسمي للديمقراطية والحريات، وعليها أن تعمل على تحسين صورتها وصورة أجهزة الأمن بها التي أصبحت أسوأ من أجهزة الأمن في دول العالم الثالث.
أعداء الديمقراطية والحرية
القضية أن ترامب قدم خدمة جيدة لكل أعداء الديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان.. بأنه حول الولايات المتحدة إلى دولة منتهكة لهذه الحقوق.. بداية من انسحابه من الهيئات الأممية لحقوق الإنسان وحتى أحداث الأربعاء فتحولت هذه الدولة الكبرى إلى دولة ديكتاتورية بامتياز.. و فقدت ميزة تمتعت بها أن كل مرشحيها يعترفون بالهزيمة حتى ولو كان لديهم شك بتزويرها وتتم عملية تسليم السلطة في أجواء احتفالية رائعة يشاهدها العالم كله.
واعتقد أن الأدارات الأمريكية القادمة عليها أن تصرف مليارات الدولارات لتحسين صورتها في العالم بعد أن صرفت إدارة الرئيس جورج بوش الابن ما يقرب من 4 مليارات دولار لتحسين صورتها في الشرق الأوسط بعد أحداث البرجين. فهذه المرة تريد تحسين صورتها الملطخة بالدماء في العالم كله.
على الشعب الأمريكى أن يعلم أن ما حدث ألحق أضرارا كبيرة بسمعة بلادهم التي كانت مثار فخر لهم.. وتحولت بلادهم على يد ترامب إلى دولة من دول الموز.. دولة لا تحترم فيها أجهزة الشرطة حق التظاهر السلمي وافرطت في استخدام الرصاص الحي والمطاطي في تفريق المتظاهرين. وهى نفس العبارات التي ترد في تقارير الخارجية الأمريكية عند فض أي مظاهرة في دول العالم الثالث.
لقد أنهى ترامب بتصرفاته الربيع الأمريكي الذي أمتد إلى ما يقرب من 100 عام، فأحداث الأربعاء ستكون بداية انهيار الإمبرطورية الأمريكية. وسوف تتوالى الانتكاسات في السنوات القادمة.. والأيام القادمة ستؤكد هذا الكلام.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا