يوم الخميس أعلنت منظمة الشفافية الدولية مؤشر مدركات الفساد حول الفساد في العالم والذي يشمل 180 دولة. لأن المنظمة التي تعمل منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي على آليات ووسائل مكافحة الفساد باعتباره الخطر الأكبر على أي عملية تنمية في العالم، فقد أعدت 13 معيارا لقياس نسب الفساد ومنذ عام 2012 تصدر هذا المؤشر ولأن المؤشر هذا العام تأخر اعلانه ما يقرب من شهرين، لأننا تعودنا على اعلانه يوم 9 ديسمبر من كل عام وهو اليوم العالمي لمكافحة الفساد. والذى أعلنت فيه الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد ويتبع المؤشر تقرير يشرح وضع الفساد في كل بلد في العالم.
ولكن على ما يبدو أن وباء كورونا وراء هذا التأخير ولأنه كالعادة احتلت دول أوروبا مقدمة المؤشر أي الدول اقل فسادا في العالم مع نيوزلندا التي أتت في المرتبة الأولى. وجاءت 5 دول عربية في ذيل القائمة وهى السودان وليبيا واليمن وسوريا والصومال. أي الدول التي تشهد نزاعات مسلحة وفيها يكثر الفساد.
ورغم أن البيان الصادر على المنظمة اشار الى ان الدول ذات الاداء الجيد في مكافحة الفساد هي الدول الأكثر استثمارا في محال الرعاية الصحية لمواجهة وباء كورونا، ووفق رئيسة المنظمة التي اعتبرت كورونا بجانب انها أزمة صحية هي أزمة فساد. وقالت إن الحكومات ذات المستويات الاعلى في الفساد فشلت في مواجهة التحدي. وأضافت حتى الدول المتقدمة في المؤشر فعليها أن تعيد النظر في دورها في مواجهة الفساد في الداخل وفى الخارج ووجه البيان نقداً كبيراً للولايات المتحدة الأمريكية.
الأنشطة المدنية
وإن كان مؤشر مدركات الفساد قد أشار إلى معاناة العالم كله من الاثار الضارة لوباء كورونا على الاقتصاد العالمي. والتأثير السلبي على الدول والخسائر التي لحقت بالأفراد قبل الحكومات وتوقف العديد من الأنشطة وعلى رأسها الأنشطة المدنية. ولكنه لم يراع هذه الاثار في قياسه جهود مكافحة الفساد، لذا تأثر ترتيب عدد من الدول في المؤشر وتأخرت عدة درجات فيه ومنها مصر التي تراجعت 5 درجات عن العام الماضي.
ولأن الحرب على الفساد وفق القواعد التي أرستها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد. تتطلب الاعلان عن جهود مكافحة الفساد، وأن تفصح الهيئات المعنية مباشرة أو غير مباشر عن جهودها في مكافحة الفساد. واستكمال التزامات الدولة المصدقة على الاتفاقية الأممية من خلال إصدار القوانين الوقائية لمنع الفساد ثم الإجراءات التي تدعم شفافية ونزاهة الاعمال وخاصة المشاريع الكبرى. وهى إجراءات ليست فقط لمكافحة الفساد ولكن هي في الحقيقة تطمئن المستثمرين وخاصة الاستثمار الأجنبي بأن الدولة جادة في مكافحة الفساد وان مبدأ سيادة القانون يسرى على الجميع وعلى كل المسئولين الذى وجب عليهم تقبل النقد طالما قبلوا تولى المسئولية.
الرقابة على الفساد
وانتهى مؤشر مدركات الفساد بأربع توصيات. تضمنت ضرورة تقوية أجهزة الرقابة على الفساد. ويجب أن يكون لسلطات مكافحة الفساد والأجهزة الرقابية ما يكفى من الأموال والموارد والاستقلالية التي تمكنها من أداء واجباتها. كما دعا الى ضمان وجود معاملات تعاقدية مفتوحة وشفافة لمكافحة ارتكاب المخالفات. وتحديد تضارب المصالح، وضمان التسعير العادل لجميع الخدمات بجانب الدفاع عن الديمقراطية. وتعزيز الفضاء المدني لخلق الظروف المواتية لمساءلة الحكومات. ونشر البيانات ذات الصلة وضمان الوصول إلى المعلومات وذلك لضمان حصول الجمهور على معلومات سهلة ومفيدة، ويسهل الوصول إليها في الوقت المناسب
وتعد التوصيات الأربع روشتة سريعة لأي دولة جادة في محاربة الفساد. وتريد أن تحسن صورتها امام العالم وتتقدم في هذا المؤشر. وتكون ملاذاً آمناً للاستثمار الأجنبي والمحلى وتأتى رؤوس الأموال إليها. بسبب ارتفاع مصداقيتها في مكافحة الفساد بكافة أنواعه ووسائله.
عملية مكافحة الفساد عملية صعبة جداً. وتحتاج إلى تضافر كل الجهود والاستعانة بكل الشركاء وأصحاب المصلحة في محاربته. ودعمهم للقيام بدورهم من خلال إصدار القوانين والقرارات التي تسهل مهمتهم ومعاونة الأجهزة المعنية والحكومة في الحرب على الفساد. حتى يتم تحقيق قفزات في عملية التنمية التي ننشدها جميعاً.