كان الموقف في ليبيا لا يحتمل الانتظار أكثر من ذلك فقد كانت قوات الجيش الوطني الليبي تتراجع و تنسحب بسرعة من حول طرابلس ثم من كل المدن التي حررتها من أيدي الميلشيات المنتشرة في غرب ليبيا. وملأ الذعر جنبات ليبيا و كانت الميلشيات تطارد قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. و كان الطريق مفتوحا حتي الحدود المصرية. ولم يتبق في الطريق إلا سرت و الجفرة كأخر عقبة أمام الميلشيات ثم يصبح الطريق مفتوحا أمامهم.
هنا خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي و أعلن أن مصر تعتبر أن سرت والجفرة خطا أحمر لا تسمح فيه لأي قوات بتخطيه و إلا ستتدخل مصر بقواتها المسلحة لحماية أمنها القومي و حماية الليبيين من هذه الميلشيات .
لقد شعرت مصر بالخطر الجسيم الآتي من ليبيا. و كان لابد من التصدي له قبل أن يصل إلى حدودها. وتصبح المعارك مع تلك الميلشيات التي يأخذ كل قائد منهم بقراره. فلا شئ يجمعهم إلا المطامع في ثروات ليبيا. و تصل الخلافات بينهم إلى حد القتال بينهم البعض علي تلك المصالح بكل أنواع الأسلحة. فأخذت مصر زمام المبادرة و أعطت لتلك الميلشيات و من يدعمهم بالسلاح والمال حجمهم الحقيقي. و أدركوا أن تخطي هذا الخط الأحمر الذي وضعته مصر يعني نهايتهم و أن الجيش المصري قادر علي حماية أمن مصر القومي بلا أدني شك و أن عقيدة و إيمان الجيش المصري العظيم لن تسمح أبدا بالمساس بأمن مصر ولا الاقتراب من حدودها وصمد الخط الأحمر و صمتت الميلشيات حتي الآن .
الآن مصر تواجه تهديدا لوجودها هو سد الخراب الإثيوبي. ومرت عشر سنوات في مفاوضات عبثية و كثير من الكذب و السفه الإثيوبي من كافة المستويات الرسمية يوميا. و بكل وسائل الإعلام الفضائي والإلكتروني ضد مصر. وبناء السد لا يتوقف والتحدي للملء الثاني علي الأبواب. وهو الملء الذي لن تستطيع مصر و السودان بعده إلا تنفيذ الأوامر من أديس أبابا .
أنا أثق ثقة لا حدود لها في القيادة السياسية وجيش مصر العظيم و جهاز المخابرات العامة المصرية الساهرة علي أمن مصر العامرة بالكفاءات والوطنية. أن حق مصر لن يضيع و إن صمت مصر عن قدرة وليس أبدا عن عجز. ولكن الوقت يمضي والضغوط في هذا الملف تتزايد. و العدو الإثيوبي لا يتوقف لحظة عن الكذب. والإلتفاف على كل المعاهدات التاريخية الثابتة التي تحفظ حق مصر و السودان في أن يتدفق النيل بحرية و أمان.
ولا أعلم متى سترسم مصر الخط الأحمر لقادة إثيوبيا الذين يظنون أنهم قادرون على وقف تدفق نهر النيل الذي لم ينقطع عن سيره منذ آلاف السنين منذ أن أذن الله له أن يكون سببا للحياة في وادي ويعيش الآن عشرات الملايين علي ضفافه. ولكننا نواجه الآن خطرا جسيما عاجلا لا يحتمل الانتظار و مصر استنفذت كل الوسائل للوصول إلى أي حل مع أديس أبابا و لم نجني من المفاوضات معهم إلا ضياع الوقت و طريق أخره سراب و لم تترك لنا إلا إعلان الخط الأحمر .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا