الكلام عاد مرة أخرى وطرح نفسه على الساحة السياسية والشعبية حول ضرورة وجود معارضة سياسية وطنية للحكومة.. ويجب أن يتم السماح للمعارضين أن يعبروا عن آرائهم بحرية وبدون ملاحقات أو مضايقات.
وهذا الكلام طرحته بعض المنابر الإعلامية بعد حديث الرئيس السيسي عن حرية الرأى والتعبير في افتتاح مركز الإسماعلية الطبي منذ أسبوع تقريبا.
وقضية حرية التعبير قضية أساسية وعنوان لأي بلد وأي نظام حكم في العالم. وعلى الجميع أن يعبر عن آرائه بكل حرية، و المعارضة في أي دولة هي سند لنظام الحكم. وهي ضميره الحي الذي كلما ارتكب خطأ نبهته إليه.
والمعارضة السياسية ودورها هو إحدى وسائل ممارسة حرية التعبير عن الآراء والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بمختلف أشكالها هم عناوين هذه الممارسة. ووجب على الدول حماية هذه المؤسسات ومساعدتها.
وحتى نصل إلى وجود معارضة قوية ووطنية في مصر. فهناك عدة اشتراطات أولها توفير المعلومات. لأن أي إنسان سوف يتحدث في موضوع بدون معلومات سيقع في المحظور وسوف يتحول كلامه إلى شائعات لا قيمة لها. والمعلومات تجعل من يمتلكها أكثر هدوءا في التعبير عن رأيه. وتجعله أكثر قدرة على التفكير في ايجاد حلول. فالمعارضة تموت في ظل السرية، وتزدهر في ظل وجود حرية لتداول المعلومات.
والشرط الثاني أن يتقبل جميع المسئولين النقد حتى ولو كان قاسيًا. فهو يعلم قبل أن يتولى منصبه أنه معرض للنقد وأنه جاء ليؤدي دورا وسيغادر منصبه في حالة الخطأ. وأنه ليس مخلدا فيه. وبالتالي يجب أن يتسع صدره لأي نقد حتى ولو كان جائرا وعدم التسرع في اللجوء إلى القضاء لمحاسبة كل من يخالفهم في الرأي أو من يوجه إليهم نقدا.
والشرط الثالث لوجود معارضة وطنية هو عدم اختباء المسئولين خلف الحصانة التي حصلوا عليها بحكم مناصبهم. وأن مبدأ الصواب والعقاب يسري على الكل ولا يوجد ما نسمعه عن الرموز أو الشخصيات غير القابلة للانتقاد، ولا توجد كيانات محصنة من النقد طالما ارتضينا أن يكون لدينا معارضة قوية.
أاما الشرط الرابع فهو على الأحزاب السياسية التي يجب أن تفهم أن وظيفتها هو الوصول إلى الحكم. وأن عملها الأساسي هو استيعاب كل من يرغب أن يكون له دورا سياسيا في بلده ، فكل الأحزاب أمامها فرصة لإعادة هيكلة برامجها السياسية والاجتماعية وصياغتها من جديد. وأن تضع خطط لضم أكبر عدد من الشباب لأن الأحزاب ستظل هي الوعاء الوحيد لممارسة العمل السياسي في أي بلد وتحرك الأحزاب في الشارع سوف يقضي على ظاهرة المستقلين التي أصابت الحياة السياسية في السنوات الأخيرة بحالة الارتباك وعدم الثقة في القدرة على إدارة أي حوار سياسي منفتح وراق بين أطراف المجتمع في مصر.
والشرط الخامس والأخير وهو الأهم. الحماية القانونية للمعارضين السلميين ووقف سيل المحتسبين الجدد الذين يلاحقون كل من يبدأ رايًا مخالفًا للحكومة في المحاكم وتنهال البلاغات أمام النيابة والتشهير به حتى يصل إلى مرحلة الإتهام بالخيانة تارة وإتهام بالعمالة تارة. فلابد من وقف هؤلاء أولا وتعديل القانون حتى يكون حماية المعارضة السياسية السلمية أمرًا واقعًا في المجتمع .
فهذه هي الاشتراطات الخمسة حتى يكون لدينا معارضة وطنية تدعم الدولة وتساندها في كل القضايا الوطنية الكبرى ومحل الاجماع الوطني. فالمعارضة لا تعطي لأي نظام حكم الشرعية فقط. ولكن تقويه وتجعل لديه قدرات أوسع في التفاوض مع الغير.. فهي عنوان للديمقراطية الحقيقية .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية