بدأت من فترة طويلة متابعة سيرة الزعيم مصطفى النحاس، وحاولت عبر مقالات متعددة توثيق سيرة ومسيرة الزعيم الطاهر الشريف عفيف اليد واللسان والتاريخ!! بعض أصدقائي أشفقوا علىّ من المهمة الثقيلة. لكن معظمهم قاموا بتشجيعي، ومساندتي، ومطالبتي ببدء العمل الذي يشرح سيرة النحاس لأجيال جديدة تبحث عن مثال مشرف يحترف العمل السياسي!!
ورغم محاولاتي المتعددة للتوثيق والانتهاء منه، إلا أنني اكتشفت أن سيرة النحاس بحر عميق، وأوراق لا يمكن الانتهاء منها بسهولة، ورغم ذلك قررت توثيق سيرة الرجل الذي أطلق عليه سعد زغلول «سيد الناس» وقريباً سنجد عملاً متكاملاً يوثق مشوار الزعيم الكبير أيقونة الوفديين، وزعيمهم التاريخي!! فتعالوا نقرأ بعض الحكايات عنه!
بعد حركة يوليو 1952 تم تحديد حركة الزعيم مصطفى النحاس.. وكان مسجد الإمام الحسين من الأماكن المسموح له بزيارتها أسبوعياً.. وكان سعد عبدالنور نجل القيادي الوفدي البارز فخري عبد النور لا يري النحاس إلا كل يوم جمعة في مسجد الإمام الحسين بالقاهرة.
وفي إحدي المرات قال سعد عبدالنور للنحاس: يا باشا أنا مسيحي.. مش معقول كل ما أحب أشوفك لازم تجبرني أدخل جامع الحسين! فرد عليه النحاس مازحاً: جرى إيه يا سعد إنت ما تعرفش إن مولانا الحسين كان وفدي!!
هذه الحكاية الحقيقية هي مفتاح شخصية مصطفى النحاس باشا الذي قضى عمره يدافع عن الوطن وقضيته الوطنية من خلال الوفد، الحزب العريق الذي عشقه مثل روحه مستعيناً بالله.. متمسكاً بثوابته التي لا تختلف عن ثوابت كل المصريين الذين كانوا يعملون نهاراً من أجل لقمة العيش ويناضلون ظهراً ضد الاحتلال ويزورون، ليلاً، أولياء الله الصالحين تبركاً بهم فى مواجهة الظالمين والفاسدين ويمسكون بأيدى إخوانهم المصريين بغض النظر عن دينهم لصناعة عروة وثقى تحميهم من الطغيان والتشتت والانحدار..
كانت هكذا مصر وكان مثلها النحاس.. الذي كانت حياته مثل وفاته.. فقد عاش حياته زعيماً مناضلاً يقاوم الاحتلال، ولا يسعى إلى الحكم.. بل كان الحكم هو الذي يأتي أمامه وتحت قدميه.. ومات- أيضاً- زعيماً بعد أن خرج الناس من بيوتهم ينحبون ويبكون رحيله.. فقد كانت جنازة مصطفى النحاس هي الدليل الأهم والأكبر على زعامته.. كانت مهيبة.. حاشدة.. في عز مجد جمال عبد الناصر الذي صدمته هذه الحشود التي خرجت لتشييع رجل كان يعتقد أن سيرته قد ماتت قبل وفاته بثلاثة عشر عاماً قضاها تحت الإقامة الجبرية.. وكانت الصدمة الكبري التي واجهها عبدالناصر هي الهتاف الرئيسي لمئات الآلاف الذين قالوا في الجنازة «لا زعيم بعدك يا نحاس».
النحاس، كما قلت لكم هو أيقونة الوفد، ودليل الوفديين للمبادئ التي لا تموت. وزعيمهم الملهم، وقائدهم عند الشدائد، ونحن جميعاً سائرون على دربه.
tarektohamy@alwafd.org
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية