البرنامج الذي تتبناه الدولة حاليًا لتطوير الريف المصري، ربما يعد هو البرنامج الأهم الذي عرفته مصر طوال أكثر من نصف قرن، ليس لأنه يغير حياة ستين مليونًا مصريًا حضاريًا ومعيشيًا في الريف فحسب، وإنما يعنى العدالة الاجتماعية الحقيقية بين جميع المصريين.
ويعنى أيضًا أن المبادرة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي – حياة كريمة – تهدف بالمقام الأول إلى احترام المواطن المصري وتحسين وضعه أينما وجد، واحترام حقوقه كانسان في أن ينعم بالخدمات وبحالة التطور والحداثة التي تشهدها مصر في كل مدنها.. وكلنا يعلم حالة التخلف والتجاهل والتهميش التي عاشها الريف لعقود طويلة، وأدت إلى غياب معظم الخدمات الأساسية، مما يجعل الريف فريسة لثالوث مدمر هو الفقر والجهل والمرض، وجعله أيضًا طاردًا لأبنائه إلى المدن الكبرى، وتحديدًا القاهرة، والجيزة، والإسكندرية.
كما عانت مصر بأكملها من هذا الوضع المأسوي للريف المصري بعد أن تحول كثير من أبنائه إلى فريسة سهلة لتجار البشر سواء من جماعات التطرف والإرهاب وتجار الدين أو عصابات المخدرات والبلطجة والتهريب إلى خارج الحدود وغيرها من المظاهر السلبية التي عاني منها الريف وجعلته عبئًا على الدولة في مواجهة كل هذه الجرائم إضافة إلى المناطق العشوائية التي تسربت إلى المدن الكبرى واحتلت مساحات كبيرة منها وشكلت عبئًا ماليًا على ميزانية الدولة وطمست الوجهة الحضارية لمدن مصر العريقة وعلى رأسها القاهرة التي كانت أجمل مدن العالم قبل قرون من الزمان.
البرنامج الطموح الذي يغير حياة المصريين في ثلاث سنوات فقط، رصدت له الدولة 600 مليار جنيه بحيث يتم إنفاق 200 مليار في العام، وقد بدأت عملية التنفيذ في 51 مركزًا ويجرى العمل في حوالي 70٪ من قرى هذه المراكز التي تبلغ 1376 قرية، بشكل منظم وممنهج بحيث تكون عملية التطوير شاملة وجامعة لكل الخدمات من طرق ومستشفيات ومدارس ومياه شرب وصرف صحي، ومراكز شباب ووسائل مواصلات إضافة إلى أنشطة اقتصادية في القرى الكبيرة لخلق مزيد من فرص العمل، بحيث يعود الريف مرة أخرى للإنتاج والنشاط الزراعي والانتاج الحيواني، وغيرها من الأنشطة التي تساهم في النمو الاقتصادي.
وقبل أسابيع أعلنت الحكومة عن موقع لمن يرغب من الشباب في المشاركة في مبادرة – حياة كريمة – وكنت أتمنى تطوير هذه الفكرة حتى تكون هناك مشاركة فعلية وحقيقية من ملايين الشباب، خاصة وأننا مقبلون على الإجازة الصيفية، بحيث يكون هناك مقابل مادي لعمل الشباب في هذه المبادرة، حتى وإن كان بشكل رمزي حتى يساهم الشباب بجهودهم في تحسين أوضاع قراهم.
وكلنا يعلم أن بعض مراكز الشباب كانت تقوم بعمليات التجميل والنظافة في قراها، وهناك بعض الدول تستغل طاقة الشباب في إجازاتهم وتقوم بعمل مسابقات بين الأقاليم وبعضها، وأخرى داخل الإقليم أو المحافظة لأجمل مدينة إلى أن تجرى المنافسة بين أجمل قرية من قرى المركز الواحد، ووضع جوائز مالية وعينية ويقرر الشباب الفائز بالجائزة تحديد المشروع الذي تحتاجه مدينته أو الحى أو القرية التي فازت، وهو أمر مهم للغاية لأنه يحول طاقة الشباب في كل أرجاء الدولة إلى طاقة ايجابية يتم الاستفادة منها، كما أنه يضع الشباب في موضع المسئولية من خلال متابعة المشروعات التي تمت في منطقته والحرص على سلامتها وكفاءتها، وأيضًا خلق روح المنافسة الايجابية بين القرى وبعضها والمدن وبعضها.
وفوق كل ذلك تعميق الانتماء الوطني لوطن ينهض ليستعيد موقعه بين الأمم المتحضرة، ويستعيد أيضًا مكانته الاقليمية والدولية التي عاشتها مصر سابقا عن جدارة.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية