من المبكر جدا الحكم على مستقبل الصراع بين جماعة الإخوان المتأسلمون وحزبهم حزب النهضة و بين الرئيس المنتخب قيس سعيد و الجيش التونسي. والذي بلغ ذروة الصراع بعد قرارات الرئيس التونسي بتجميد البرلمان وحل الحكومة وتولى السلطة التنفيذية والنيابة العامة. ونزل الجيش التونسي لحماية المنشأت الهامة وعلى رأسها البرلمان و الإذاعة و التليفزيون .
كانت تونس قد قطعت شوطا محترما في طريق الديمقراطية واستقرار الدولة بعد نجاح ثورة الياسمين التونسية في التخلص من حكم الفساد بقيادة زين العابدين بن علي وعصابته. وحصل الإخوان على الأغلبية في البرلمان وشكلوا الحكومة. ولكنهم كالمعتاد رفعوا شعار مصلحة الجماعة فوق مصلحة الشعوب فلا صوت يعلو فوق صوت مصلحة الجماعة. وبدلا من العمل على تنمية تونس والبدء في مشروعات اقتصادية قومية ترفع من دخل وشأن المواطن التونسي. انخرطوا في دائرة الصراع في شمال أفريقيا.
أصبحت تونس مسرحا مفتوحا لدعم الأتراك و أحلامهم في ليبيا وفي التمدد خارج الحدود التركية. فها هي الميلشيات الإرهابية في ليبيا تعلن حالة الاستنفار القصوي في الغرب الليبي بعد قرارات الرئيس التونسي. و من ناحية أخري يعلن حفتر والجيش الليبي دعمه لهذه القرارات. ولا نعلم ماذا سيكون موقف مصر والمغرب والجزائر من هذا الصراع. ولكن الموقف المصري سيكون داعما لكل ما يدعم مؤسسات الدولة التونسية و إستقرارها .
المشكلة الحقيقية أن الشعوب عند جماعة الإخوان وقود لتحقيق نظرية أستاذية العالم وكان من الممكن لهذه الجماعة أن يتعلموا من فشل تجربتهم في حكم مصر أن يحافظوا على ما استطاعوا تحقيقه في تونس بعدم الزج بتونس في أتون الصراع في شمال أفريقيا. ولكنهم أخطأوا كالمعتاد وتحالفوا مع خليفتهم المنتظر أردوغان وأصبحت تونس قاعدة الأتراك في شمال أفريقيا ودعم للميلشيات التي ترسلها تركيا إلى ليبيا مما جعل من تونس الخضراء جزءا من هذا الصراع وهو عكس ما يطمح إليه المواطن التونسي الذى قام بالثورة ضد نظام الفساد و رئيسه زين العابدين بن علي.
كما أن الممارسات السياسية للحكومة بقيادة المشيشي و البرلمان بقيادة راشد الغنوشي أصرت على الإنفراد بإدارة شئون البلاد و اعتبار منصب الرئيس منصبا شرفيا لدرجة أنه لا يستطيع قبول أو رفض مجرد تعيين وزير في الحكومة وهو ما يعني أنه أصبح رئيسا بلا صلاحيات مما جعل الوضع السياسي لا يحتمل أن يستمر بهذا الشكل .
أما عن دعوة الشعب من طرفي الصراع للنزول وحماية القرارات أو التظاهر ضدها فهذا هو مكمن الخطورة. فقد تصل المظاهرات والمظاهرات المضادة إلى حدوث اشتباكات و التحامات بين أبناء الشعب الواحد. والذي يترتب عليه ما لا يحمد عقباه و نتمنى أن يصل وعى الشعب التونسي إلى تخطي هذه الأزمة العصيبة. وأجواء الصراعات وعودة تونس إلى ما كانت عليه من استقرار و أمل في مستقبل أفضل للأشقاء التوانسة .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية