لم يكن نصر السادس من أكتوبر لعام 1973 مجرد نصر عادي على العدو الصهيوني. ولكنه كان معجزة حقيقية بكل المقاييس، أبرزت قوة العقلية المصرية الفريدة التي لا تُقهر حقًا. وذكاء العقلية العسكرية وقدرتها الباهرة على التخطيط والتنفيذ ببراعة ودقة وحكمة شديدة. أبهرت العالم وتوقف أمامها التاريخ وغيرت الفكر العسكري على المستوى الدولي.
ثمانية وأربعون عامًا مضت على نصر السادس من أكتوبر، ولا تزال قلوب المصريين تهتز فرحًا وتنشرح صدورهم وترتسم البسمة على وجوههم؛ لأنهم أثبتوا للعالم أجمع أن في مصر رجالًا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وتحدوا المستحيلات من أجل حماية أرض الوطن، بيقينهم بنصر الله–عز وجل- وإيمانهم بقضيتهم. ووحدتهم وتوحدهم مع قلوب المصريين جميعًا، ووضع علم مصر أمام أعينهم وقضيتها على رأس أولوياتهم، وحياتها فوق أرواحهم.
ملحمة بطولية خالدة خاضها الجيش المصري في حرب أكتوبر ليحطم أسطورة الجيش الذي لا يُقهر. ويثبت للعالم أن الإرادة تغلب القوة، وحب الوطن يغلب حب السيطرة والهيمنة، وأن مصر تحوي أبطالًا يظهرون وقت الشدة. ويفعلون المستحيل من أجل هذا الوطن، يخططون وينفذون ويتحركون بكل حكمة ورشد ويبذلون كل ما في وسعهم. ويقدمون كل ما يملكون من أجل تحقيق أهدافهم، ورفعة وطنهم.
لقد غيّرت حرب أكتوبر العقلية العسكرية في العالم كله. وظلوا يدرسون استراتيجية هذا النصر العظيم. الذين وصفوه بالمعجزة. التي لا يزال العالم يقف مندهشًا أمامها. فأذلت قواتنا المسلحة. هذا الجيش. الذي لقبوه بأنه لا يُقهر. وأرعبتهم، ليفروا من أرض المعركة. خائبين منتكسي الرؤوس، في مشهد أثلج صدور المصريين وأعاد لهم المجد والبهجة بعد سنوات قضوها في حزن جراء حرب الاستنزاف. وعلى دماء الشهداء العطرة التي روت أرض الوطن من أجل الوصول إلى هذا المجد.
لقد برزت الشخصية المصرية بجدارة في تلك الحرب التي أدهشت العالم. وأذهلته بقدرة العقلية المصرية على تحقيق المعجزات إذا شعرت بالخطر على أرض الوطن. لم تيأس ولم تستسلم ضد أي عدوان غاشم. وإنما تصر على التخلص منهم واسترداد الأرض والعزة والكرامة مهما كانت التضحيات المُقدمة في سبيل ذلك. لقد نشأت الشخصية المصرية على حب الوطن وتقديم الغالي والنفيس من أجله دون تردد.
وأدعو شبابنا الأبطال إلى استلهام روح نصر أكتوبر لتحقيق المعجزات في بناء الوطن ورفعته وتقدمه ليتربع على عرش العالم. دون تسليم أو استسلام، عليهم استلهام روح العزيمة والإصرار والعزة والكرامة، وأن يدرسوا التاريخ جيدًا ليقفوا رافعي رؤوسهم أمام العالم. متباهين بتاريخهم، مستكملين مسيرة التقدم والنهضة والرفعة في كل المجالات، ويستكملوا صعود الدرج الذي بدأه أجدادنا ليصلوا إلى قمة المجد.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية t – F