«العين ما تعلاش على الحاجب يا فندم» هكذا تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي بمنتهى التبجيل والتوقير والتقدير والرقي مع قائده السابق اللواء سمير فرج، مشيدا بقيادته له عندما كان ضابطا صغيرا، دون تكبر أو استعلاء، أو نسيان للجميل كما يفعل البعض ممن تقلدوا المناصب، ليقدم للجميع درسًا أخلاقيًا وتربويًا عظيمًا في احترام القدوة والمعلم، وحفظ الجميل.
أعطى الرئيس السيسي درسًا عمليًا ونموذج محاكاة واقعيًا لجميع القيادات في مختلف المناصب بأن يحترموا قيادتهم السابقة مهما بلغت مكانتهم؛ لأن الوفاء صفة العظماء التي لا يمكن أن تسقط بالترقي، وأن التعلم معروف وفضل لا يمكن أن يقدر بثمن، ولا يمكن رده سوى بحفظه والاعتراف به، فصاحب أكبر منصب في الدولة لا يخجل من أن يذكر فضل معلمه عليه، ويعطيه حقه أمام الجميع.
حوار الرئيس السيسي مع قائده السابق حمل الكثير من المعاني الراقية التي لو دونت لاحتاجت مجلدات. لما فيها من أسمى قيم الوفاء والأصالة والتواضع والإخلاص. واحترام التقاليد العسكرية، وتبجيل الأكبر سنًا، واحترام المعلم والقائد. ليلقّن أصحاب المناصب الذين يتعالون على اساتذتهم درسًا قاسيًا. فقد أجّل معلمه وقدّره برغم أنه الأعلى منصبًا في البلد. وزادت قيمته في أعين الجميع بعد أن رأوا منه هذا السلوك الإنساني الأخلاقي النبيل.
وعلى الرغم من مرور السنوات وتغير الأحوال، وتقلد السيسي منصب رئيس الجمهورية والقائد الأعلى لـ القوات المسلحة، فإنه يخاطب قائده السابق بكل التبجيل وكأنه ما زال يعمل تحت قيادته، يتحدث إليه بكل الاحترام، ويخاطبه بـ«يا فندم»، و«حضرتك» و«سيادتك» ليعلم الجميع أن كل المناصب تسقط أمام المعلم، وكذلك كان حديث المعلم راقيًا ومهذبًا أمام الجميع، ليثمر لنا حوارا في غاية الرقي، ليسجله التاريخ في صفحاته المشرقة، كما أنه يجب تدريسه للأجيال الحالية والقادمة.
تفاجأ اللواء سمير–كما اندهشت أنا- بحفظ الرئيس السيسي لمواقف مع قائده الأسبق وتقديره له، لدرجة أنه تأثر باكيًا حين كان يحكى أن الملازم أول عبد الفتاح السيسي منذ 40 عامًا كان من الضباط القلائل الذين استحقوا درجة «امتياز» وأنه كتب في حقه أنه ضابط صاحب قرار وله مستقبل دون أن يعرف أنه سيصبح رئيسًا لـ مصر، ويصبح فخورًا أنه عمل معه، فقاطعه السيسي قائلًا: «العفو يا أفندم أنا اللي كنت مع حضرتك مش العكس»، لتسقط دموع الأستاذ القائد الذي شعر بوفاء تلميذه له بعد أن وصل إلى أعلى المناصب.
في دقائق معدود، وبشكل تلقائي. علّمنا الرئيس السيسي جميعًا أن نكون قدوة لأبنائنا بتصرفاتنا وأفعالنا وليس بالاكتفاء بالنصح والإرشاد. فعندما يرون قدوتهم يبجل معلمه أو قائده، سيفعلون ذلك أيضًا. ويعرفون أن التواضع يزيد من رفعة صاحبه، وأن الاعتراف بالمعروف يعلّى من قدر صاحبه. ولا ينتقص منه، فعلينا جميعًا أن نتخذ منه قدوة حسنة لنا، ونربي أبناءنا على تلك القيم السامية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية t – F