العديد من الدول تعمل على إبراز أفضل ما لديها خاصة في المحافل الدولية ولكن يظل انطلاقة التنفيذ عائق أمام البعض، فالعالم قرية صغيرة يؤثر ويتأثر ببعضه، فنحن جميعا، قادة وحكومة وشعب، على هذا الكوكب نتحمل مسئولية إنقاذه من خلال تعزيز الجهود لدفع عمل المناخ الدولي على كافة الأصعدة.
ولعلنا تابعنا منذ قليل انطلاق مؤتمر الأطراف السادس والعشرين الخاص باتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ بمدينه جلاسيكو والذي سيناقش عدة بنود أبرزها الخسائر والأضرار والتكيف والشفافية، ولاشك أننا تابعنا بفخر كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال انطلاق المؤتمر والتي تضمنت رؤية واضحة للدولة المصرية للتكيف والحماية من ظاهرة تغير المناخ كما تضمنت الكلمة تقرير موجز عن أبرز ما قدمته مصر في ملف الوفاء بالتزاماتها خلال اتفاق باريس للحد من الآثار السلبية لظاهرة تغير المناخ، بالإضافة إلى وضع خطة تنفيذية محددة بمؤشرات قياس الأداء لمبادرات مصر التنموية والمستدامة للتكيف مع ظاهرة تغير المناخ.
كما شملت كلمة السيد الرئيس السيسي، على ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر لطفا عند التعامل مع التزامات القارة الأفريقية والنظر إلى حجم التحديات التي تواجها فضلا عن عدم مشاركتها بالنسبة الأكثر في الانبعاثات باعتبارها لا تحوي صناعات كثيفة الانبعاثات، كما شدد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضرورة تنفيذ الدول المتقدمة لالتزاماتها خاصة في ما يتعلق ببند مساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من حده المناخ والتكيف معها بمبلغ 100 مليار دولار سنويا.
فكانت كلمات الرئيس الحاسمة بمثابة تقرير عن ما تبذله الدولة المصرية للوفاء بالتزاماتها الدولية وخارطة طريق واضحة المعالم والأهداف خاصة فيما يتعلق بأساليب التكيف والتخفيف من حدة المناخ.. كلمات عبرت عن سنوات من الإخلاص والعمل الشاق، كلمات عبرت عن إرادة مصرية حقيقية في التميز والابداع لتكون مصر في مصاف دول العالم المتقدم.. كلمات حملت العديد والعديد من الآمال والطموحات لمستقبل أفضل، كلمات عبرت عن الريادة المصرية خاصة في الملف الإفريقي، كلمات اثبتت حرص الدولة المصرية على دمج البعد البيئي في كافة المشروعات التنموية، كلمات عبرت عن دقة تنفيذ استراتيجية الدولة المصرية ورؤية مصر 2030 وتكامل الأنشطة المختلفة للمبادرات الرئاسية والمشروعات القومية من أجل الاستغلال الأمثل للموارد وتعظيم المخرجات الناتجة، كلمات كانت بمثابة دق ناقوس العمل مع ضرورة مشاركة كافة الأطراف الدولية في القضايا المشتركة خاصة المتعلقة بتغير المناخ، كلمات حددت مشكلات القارة الأفريقية بدقة بالغة وأساسيات حل تلك المشكلات على كافة الاصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية.
ولعلنا تابعنا فيديو الكوارث البيئية حول العالم والذي تم عرضه في بداية مراسم انطلاق مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ حيث ضم العديد من الحرائق والانهيارات الجبلية والانهيارات الثلجية والأعاصير والفيضانات في مختلف دول العالم مثل الصين واستراليا والسعودية واليمن وأمريكا واليابان والمملكة المتحدة والعديد من الدول التي تؤثر بشكل مباشر من ظاهره تغير المناخ.
ومن أبرز الحلول أن الدول النامية بشكل عام والدول الإفريقية بشكل خاص تعمل على تعزيز الجهود لدفع عمل المناخ الدولي. بالإضافة إلى ضرورة الالتزام الدول الصناعية بتعهداتها في إطار اتفاقيه باريس لتغير المناخ. حيث تم توقيع اتفاق باريس 2015 من خلال 197 دوله للحد من انبعاثات الاحتباس الحراري العالمية. والحد من زيادة درجه الحرارة العالمية إلى درجة ونصف مئوية والتكيف مع أثار تغير المناخ.
كما يلزم الاتفاق الدول المتقدمة بضرورة مساعده الدول النامية في جهود التخفيف من حده المناخ والتكيف معها مع إنشاء إطار للرصد والإبلاغ والشفافية عن الأهداف المناخية للدول لتحقيق التنمية المستدامة ودخل اتفاق باريس حيز النفاذ عام 2018 في بولندا حيث تم وضع الـ 24 لائحة تتضمن قواعد شامله توضح التفاصيل التشغيلية لاتفاق باريس كما تتضمن اتفاقيه باريس التوجه إلى الاقتصاد منخفض الكربون. وكانت اللجنة الحكومية الدولية اعدت تقرير عمل لتحقيق هدف الحد من زيادة واحد ونصف درجه مئوية بالإضافة إلى تقرير كوارث المياه.
فنحن على أعقاب كارثة الأشد ضررا من نوعها والتي من الممكن أن تؤدي بحياة البشر في مختلف أنحاء العالم. وستصعب على الأجيال القادمة فرصة التكيف والبقاء في ظل تدهور الأنظمة الايكولوجية بسبب آثار تغير المناخ. فكل يوم يمضي ولم يتخذ فيه الجميع ولاسيما الدول المسببة للانبعاثات. إجراءات تنفيذية متنوعة ومتكاملة في العالم أجمع هو يوَم ضائع. فيجب على الجميع التحلي بالطموح فمازال الوقت أمامنا لاستعادة كوكبنا ومواجهة الآثار السلبية لظاهرة تغير المناخ.
ولعلنا نستعرض الآليات التنفيذية لمواجهة ظاهرة تغير المناخ والتي من أبرزها تفعيل أطر الشفافية والابلاغ عن الانبعاثات وتفعيل نظم للرصد والتقييم بالإضافة إلى نشر التعليم طوال دوره حياه المشاريع الخاصة بالتكييف والتنسيق مع شبكات المجتمع المدني التي ترتكز على معالجه المخاطر والحد من الآثار السلبية للمناخ. بالإضافة إلى ضرورة تعزيز دور وتمكين الشباب خاصه في مجال الجهود والتعليم في العمل المناخي. كما أن تحول الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الأخضر. والتكيف مع ظاهرة تغير المناخ يعتبر من أبرز الآليات التنفيذية لاستراتيجيات خفض الانبعاثات. بالإضافة إلى ضرورة ابرام الشراكات مع القطاع الخاص في هذا الإطار. وتعزيز التنمية المستدامة مع تنميه الاحتياجات التكنولوجية بما يتفق مع منطلق الحفاظ على جوده البيئة. واستحداث مشروعات خضراء ومشاركه كافة الأطراف المعنية في عمليات التخطيط. والتنفيذ مع إمكانية إزالة مخاطر الاستثمار لتشجيع القطاع الخاص والمجتمع المدني على المشاركة بإيجابية.
كما تتضمن الآليات التنفيذية لمواجهة ظاهرة تغير المناخ تنظيم الأنشطة التوعوية. واستحداث أدوات مالية جديدة والمشاركة مع الجمعيات الصناعية. بالإضافة إلى ضرورة توفير المعلومات والبيانات الدقيقة. وخاصة فينا يتعلق بالوفاء بالتزامات الدول وتعليم وتدريب بناء القدرات. والتوعية العامة لجميع فئات المجتمع بضرورة العمل سويا لإنقاذ هذا الكوكب. فضلا عن أهمية دور الإعلام في نشر الثقافة الخضراء في كافة مناحي الحياة. والعمل سويا للحد من الآثار السلبية لظاهرة تغير المناخ وخفض الانبعاثات الضارة.
كما ننوه أنه على الرغم من أن مصر لا تعتبر من الدول المتسببة في الانبعاثات الكثيفة على مستوى العالم. إلا أن الدولة المصرية حريصة على تنفيذ كافة التزاماتها في إطار الموارد المتاحة.
فمنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، تعمل مصر على خفض الانبعاثات لتقليل البصمة الكربونية والحد من آثار تغير المناخ من خلال خطة عمل متكاملة تعمل بشكل مستدام ومتميز والتي من أبرزها وصل دعم الدولة المصرية للمشروعات التنموية والمستدامة للتكيف والتخفيف من ظاهرة تغير المناخ إلى نسبة 50% عام 2020 ومن المرتقب أن تصل إلى نسبه 100% في عام 2030 كما أن مصر عملت على إنتاج 20% من مصادر الطاقة المتجددة ومن المتوقع أن تزيد نسبتها إلى 42% عام 2035 بالإضافة إلى دعم ترشيد الطاقة والنقل النظيف وتشجيع استخدام وصناعة السيارات الكهربائية والبنية التحتية والإدارة المتكاملة للمدن الساحلية و طرح سندات خضراء وإعداد الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 والتي تتضمن وضع السياسات والأهداف الخاصة بالدولة المصرية مع الأخذ في الاعتبار التحديات الناتجة عن مواجهة فيروس كورونا.
بالإضافة إلى تنفيذ العديد من المشروعات للتحول إلى طاقة نظيفة من خلال التوسع وإنشاء شبكه المترو والمونوريل والقطار الكهربائي وإنشاء المدن الذكية والمستدامة وتنفيذ مشروعات لترشيد استخدام المياه وتبطين الترع والمصارف لتقليل الهدر من المياه وإنشاء الكباري والطرق الجديدة لتقليل الانبعاثات كما أن المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» مثلت دورا محوريا في تنفيذ المشروعات التنموية للحفاظ على حياة الإنسان من التأثيرات الضارة لتغير المناخ وتأتي المبادرة الرئاسية لتحويل السيارات إلى غاز الطبيعي لتكون نواه لانطلاقة جديدة في مشروع النقل المستدام داخل الجمهورية الجديدة.
كما يشمل تبني الدولة المصرية للصناعات والتكنولوجيا الخضراء. خاصة في المصانع الجديدة والتحكم وخفض الانبعاثات الضارة في المصانع القديمة خطوة هامة ورئيسية في تحسين جودة الهواء داخل الجمهورية. بالإضافة إلى إقرار قانون تنظيم المخلفات والعمل على تمويل منظومة متكاملة لإدارة المخلفات الصلبة. والتي تكلفت 10 مليار جنيه لإنشاء مصانع إعادة التدوير والمدافن الصحية والمحطات الوسيطة وإنشاء البنية التحتية لمنظومة متكاملة.
كما تتضمن مشروعات التكيف التي تقوم بها الدولة المصرية مشروعات الحماية والحد من استهلاك المياه. وترشيد استهلاك المياه والطاقة بالإضافة إلى بناء أكبر محطه معالجة ثلاثية للصرف الصحي. والمقامة في منطقة بحر البقر بالإضافة إلى استخدام البذور الأكثر تكيفا مع الآثار السلبية للمناخ.
كلمات حاسمة وخطط مفعلة ورؤية مستقبلية شاملة ليست لمصر فقط بل للقارة الأفريقية كلها. جعلت كلمة الرئيس السيسي، اليوم، تعكس قدرة الدولة المصرية على الوفاء بالتزاماتها. كلمات دقت ناقوس العمل للجميع بضرورة خفض الانبعاثات وازاله الفجوة بين التمويل والاحتياجات الفعلية. وإلزام كافة الدول المعنية بإزالة كافة العقبات من أجل الحفاظ على هذا الكوكب من الآثار السلبية لظاهرة تغير المناخ.
عضو هيئة تدريس بعلوم القاهرة
Abdelfattahemanalaaeldin@gmail.com
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية t – F