أحلى طريق في دنيتي.. لم يزل العالم واقفا مشدوها على وقع أقدام حفيد ملوك الفراعنة واثق الخطوة يمشي ملكا في أقدم طريق عرفته الدولة المصرية القديمة وعلى جانبيه يقف التاريخ شاهدا حيث تصطف الكباش تحمل مشاعل النور لتضيء الطريق الواصل بين مصر القديمة ومصر الحديثة.
فالقدماء شهود على الأصالة والعراقة التي يقف لها العالم إجلالا وتكريما ويتيه فيها حبا. وانكب علمائه ودارسيه يحاولون سبر أغوار تلك المعجزات التي تجسدت على معابدها وهندسة المعمار والتي على سبيل المثال صححت مفاهيم الحاضر حيث صححت الشمال والجنوب الجغرافي على اتجاه الهرم الأكبر.. ويقف شاهدا تعامد الشمس على وجه رمسيس في موعدين ثابتين كل عام هما 22 فبراير و22 أكتوبر من كل عام منذ آلاف السنين سر احتار العالم في فك رموزه.
وتسمع أغنيات أحفاد الفراعنة يتغنون باللغة الهيروغليفية والتي هي أقرب إلى اللغة القبطية التي نسمع ترانيمها في حفل القداس في عيد الميلاد المجيد.. تلك اللغة التي فك رموزها شامبليون عندما اكتشف حجر رشيد إبان الحملة الفرنسية، والذي سرقه الإنجليز ومازال يقبع في المتحف البريطاني.
يختال الرجل المغوار الذي أل على نفسه إلا أن يؤسس مصر الحديثة ليكتب التاريخ أن بعد محمد علي الذي جاء في القرن الـ19 هناك رجل أحب تراب الوطن وعشق سواد بشرة أهلها، انحنى لها اعترافا بفضلها وساقته الأقدار ليرفع قدرها.. فرفعته الجماهير يحمل لوائها في القرن الـ21، فأنجبت مصر جيلا جديدا من أبناء الصمت قدموا واحدا من فرسانهم وها هو يترجل على طريق الكباش الذي ينتهي بجامع وكنيسة ليقف التاريخ شاهدا ليس فقط على عظمة الأجداد. ولكن أيضا على عبقرية الأحفاد الذين نفضوا الغبار عن نفائس الماضي ليتلألأ في جنح ليل الحاضر.
فما غابت يوما شمسك يا مصر ولكنها ربما استحت يوما عندما مر الغمام، لقد كان ما كان في سبع مضت فكيف لو قدر لنا أن نعيش عقدا أخر مع الفارس الجديد الذي بنى الأمجاد واختصر الزمن ومعه كوكبة من رجال أشداء يسابقون الزمن. ما أجمل الصورة التي تجمع أساتذة وعلماء وعمال وفلاحين «واللي على الجرار وقصاد لهالايب الصلب» «صورة مفيهاش الخامل والهامل واجبه ونعسان». إن الخطى المتسارعة التي انتهجها ابن مصر في معركة البناء والحداثة واستثمار الماضي العظيم في صنع الحاضر.. إنما يحقق الحلم الذي يعيش في وجدان كل الحالمين لهذه الأرض بأن تكون يوما لها الصدارة وتتبوأ مكانها الطبيعي الذي تشهد به كتب الحضارة.
سيظل قلبك يخفق مع كل رنة مزمار وكل حدوة فرس دقت على طريق الآمال الكبار وصوت بنات حواء يشدون لحتشبسوت وللآله رع ومع لمحة الضوء التي انعكست من وجوه التماثيل وعظمة مشهد المومياوات ليرتفع صوتك إلى عنان السماء حتى دون أن تتكلم وخاصة في بلاد الفرنجة وما بعد المحيطات وبعد أن تمخر عباب أعالي البحار، فقط يكفي أن تقول أنا مصري وأبويا مصري وسماري ولوني مصري.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية