” مقدر ومكتوب”، “كله قسمة ونصيب“، “اللي مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين”، “اللي ربنا كاتبه هتشوفه”.. عبارات تربينا ونشأنا عليها هي في مضمونها ليست خطأ ولكن الخطأ في فهمها وتطبيقها.
اعتدنا في مجتمعاتنا الشرقية بالأخص على أن القدر هو من يرسم شكل حياتنا ولكن الحقيقة غير ذلك، حيث أن حياة الإنسان تحدد بيده، فلقد خلق الله الإنسان وجعله سيد الكون بمعنى أنه يستطيع أن يأخذ من الطبيعة والأرض ما يشاء، وهنا نضع خطوط تحت كلمة يأخذ.
نعم أنت التي تأخذ أيها الإنسان وليست الحياة هي التي تعطيك، تسعى وتجتهد وتتعب لكي تحصل على ما تريد فتصل إلى شعور الفرح الذي تحتاجه، كل منا له طموح يبدأ معه منذ طفولته. وأماني وأحلام تكبر معنا كل يوم وسنة تمر علينا.
طموح بالدراسة وطموح بالعمل وكلما اجتهدت كلما أخذت النجاح والتفوق، فعلي مقدار تعبك تحصد، وهذا الأمر نعرفه جيدًا جميعًا على مختلف أفكارنا وأعمارنا وثقافتنا، ولكن الذي يبدو أنه يجهله الكثير، هو ما أطلقت عليه أنا الطموح الاجتماعي.
نعم الطموح الاجتماعي، فمعظمنا نسعى للمكاسب المادية والعملية، ولكننا لم نعرف أو نعي أننا يجب علينا أيضا السعي نحو الطموح الاجتماعي، والذي أقصد به العلاقات الاجتماعية بمختلفها سواء كانت صداقة أو ارتباط أو حب.
أغلب مشاكلنا عموما بالحياة تعتمد على غياب مصدر الحب أو علاقات محبة مشبعة لنا، ونجهل تماما أنها هي أيضا تحتاج سعي منا للحصول عليها، فقد تعرضت بعض أفلام والمسلسلات مؤخرا عن حالة العنوسة التي تتعرض لها الفتاة وأحيانا الشباب، ملقين ذلك على الظروف الاقتصادية.
ولكني أرى أن الظروف الاقتصادية ليست السبب الأوحد ولكن السبب الأهم والأكبر أننا لسنا نجيد البحث عن من يشبه أرواحنا ولسنا نعي أننا نجب أن نسعى إليه، كل عبارات القدر والنصيب صحيحة ولكن القدر لا يتحرك وأنت جالس على أريكة تفكر وتحزن فقط، القدر يتحرك مع أقدامك التي تبحث وتجري.
القدر يعطينا بقدر تحركنا، فإن كنا لا نستطيع السير وفي نفس الوقت لا نرضي بما يوفقه القدر لنا حسب جهدنا، فلن نصل إلى ما يرضينا إلا إذا سعينا نحوه بنفس طموح عملنا لنصل إلى ما نريد، جميعنا لدينا طموح اجتماعي في مختلف علاقتنا.
وهنا توجد مشكلة خافية ترتبط بالأفكار الموروثة وهي أننا اعتادنا أن الشاب هو الذي يبحث عن فتاة أحلامه، فأعطاه المجتمع الحق في ذلك، وألزم الفتاة أن تنتظر ما يأتيها، الذي غالبًا سوف يكون أقل من طموحها، ولكن الحقيقة أن حتى الفتاة لها الحق في البحث عن شريك حياتها، بل وتجتهد وتتعب حتى تصل إلى ما تطمح إليه من أحلام بحياة أسرية وشريك حياة.
أيضًا كم من أشخاص يعانون من عدم وجود صديق حقيقي محب لديهم، فكان لي حوار قريب مع إحدى طالبات الجامعة بداته بمعاناتها عن احتياجها الشديد لصديقة تؤنس وحدتها، وجدتها تنتظر هذا الاحتياج يأتي من تلقاء نفسه وهي تنتظر بدموع وأنين، ظللت أعلمها أنه يجب أن تبحث عن ما تريد حتى تصل لطموحها الاجتماعي الذي تحلم به، فالحياة لم تعطي أي شيء مجانا.
الحياة أسهل من أن نجلس نحزن على أحلام وأماني لم تحقق، كل الأحلام يمكن أن تبقي حقيقة مهما بدت مستحيلة، السعي والبحث لا يوجد به مستحيل، المستحيل هذا لم يُصنع للإنسان، الإنسان لديه قدرة فائقة على فعل ما يريد والله يعمل مع الإنسان ويضبط الأمور دائما للخير في كل الأحوال.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية