عندما نترك الساحة لمن هم دون المستوى العلمي أو الأخلاقي، بالطبع ستظهر العادات والتقاليد الخاطئة بشكل فج، لتنخر في جسد الوطن المنهك والذي أعياه الشرذمة البائسة والتي تحاول بالسبل الملتوية تغيير هويته سواء كان ذلك على المدى البعيد أو القريب العاجل، كما نشاهد، وتجلى ذلك في خروج “مؤدي المهرجانات” والذين أضحوا مثل السرطان ينهش في جسد الصغار من الشباب في مقتبل العمر، حتى أصبح المجتمع يعاني بمكوناته كافة، فنحن أمام طريق مفتوح نحو الهاوية يبتلع الأخضر واليابس، حقًا العاصفة عنيفة وإن لم يكن هناك وقفة حقيقية سنجد أنفسنا أمام واقعٍ ملبد بالغيوم، وسيتولى مؤدي المهرجانات الحديث في الشأن العام، بل قد يصل الأمر إلى التدخل في شؤون الدولة، بما أن هناك من يصنفهم من صفوة المجتمع وأصحاب رأي!!.
بالطبع نحن أمام حالة شاذة ليست جديدة، ولكن أصبح لها شعبية جارفة سواء اتفقنا في ذلك أو اختلافنا، فالمصاب جلل وعدم التحرك في مواجهة الخطر المستفحل داخل الدولة، سيصل بنا إلى جيل منزوع منه المقومات الأخلاقية كافة والتي نحتاجها بشدة في زمننا هذا، فنحن نعاني من تدنٍ واضح في مستوى الأخلاق بشكل ملحوظ، وهو نتاج متابعة الصغار “للمهرجانات” والتي أصابتهم بلوثة عقلية، وأصبحوا يرددون الأغاني بشكل جنوني في الشوارع والمواصلات، وإن فكرت في لحظة ما توجيه النصح إليهم سيلقموك بالحجارة رغبة في صمتك، فأنت ببساطة أصبحت تنال من الآلهة المعظمة لديهم، خاصة أن قناعتهم الفكرية نتيجة تجاهل النصح كون حالة شديدة من الشيزوفرينيا الحادة، تتطلب مشرط جراح ماهر لاستخراج العطب الذي أصاب أدمغتهم.
فعلاج هؤلاء ينُجي البلاد والعباد، ويمنع استفحال الظاهر داخل المجتمع، من الممكن أن يكون ذلك صعبًا وقد يكون عملية انتحارية، عقب حالة الاستقطاب الشديدة التي تعرضوا لها، منذ سنوات كثيرة حينما جرفتهم الأمواج الهادرة نحو سماع هؤلاء وتأييدهم، بشكل لافت للنظر، بل وتدشين حاضنة شعبية لهم تكون حائط صد أمام من يحاول النيل منهم، إنها الغيبوية، ووقفها يتطلب استنهاض القوى والمؤسسات كافة، لمجابهة الخطر الداهم، حتى لا نبكي على اللبن المسكوب بعد فوات الأوان، فترك الجميع لمثل تلك الظواهر سيؤثر بدوره على العملية التعليمية داخل الدولة، فكلاهما مرتبط بمكونات الفرد وأهدافه في نفع البلاد والعباد.
وفي الحقيقة أن ترك الوضع كما هو دون التدخل العاجل في القضية المهمة والتي لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب، أمر ينذر بكارثة، وتوظيفي لمثل تلك الأغاني بأنها مماثلة للإرهاب، هو توظيف في محله، فالإرهاب مهدد للأوطان والإنسان، وما يحدث يهدد الهوية الفكرية للشباب ويجرفهم نحو طريق اللاعودة، حيث يتعاشق ذلك مع طلب العلم، بعد أن رأت حواضن مؤدي المهرجانات الشعبية، يحصلون على أموال “متلتلة” دون العناء أو التعب، بالطبع سيؤدي ذلك إلى تحويل قبلة الشباب للانضمام إلى جبهة المغنيين وترك العلم “بذريعة إنه مش جايب فلوس” وهي الفاجعة والتي تحتاج للتوعية بشكل متواصل، يضع العلم والعلماء في منزلتهم وتقديرهم، إضافة إلى النظر في أجور المعلمين والذين يعانون بشكل ملحوظ.
نحتاج أن نهتم بالتعليم، فمصر قبلة العلم والعلماء ومركز الإشعاع الحضاري والإنساني للعالم، نحتاج أن نبعد الموتورين عن الساحة الغنائية، نحتاج أن نحاسب المخالفين للقرارات التي تنظم الفن والغناء داخل الدولة، نحتاج أن نعود قبل أن يتحول الشباب إلى بضاعة أفسدها هوى التقليد الأعمى، نحتاج أن نفكر في مستقبل الشباب، ونسهر على توعيتهم من سلك طريق الغناء بغية جني الأموال الكثيرة، فحينما يضيع العلم يضيع الإنسان ويلقى به في غياهب الجب.. فهل نتحرك !! أم نحن ذاهبون نحو طريق الهاوية؟
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية