فوجئت بالاحتفالات التي تم تنظيمها في اليوم العالمي لمكافحه الفساد.. وهو اليوم الذي اختارته الأمم المتحدة يوم 9 ديسمبر من كل عام ويليه يوم 10 ديسمبر اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهذه الاحتفالات التي شهدتها جميع المحافظات يوم الخميس من خلال ندوات حضرها المحافظون ورؤساء الجامعات الإقليمية بالمشاركة مع هيئة الرقابة الإدارية في محاولة لتذكير المسئولين التنفيذيين أن الفساد عدو التنمية.
وسبق أن كتبت هنا عن أخطار الفساد وما ورد في الاتفاقية الأممية لـ مكافحة الفساد من روشتة لمكافحته والتقليل من أضراره لو تم تنفيذها بدون تردد سنحد من هذه الآفة في زمن قياسي. فمكافحة الفساد تحتاج إلى أفعال على الأرض وتحتاج إلى مجموعة تشريعات وردت في الاتفاقية على سبيل الالزام وليس الاختيار، وهي ضمن معايير تقييم مستوي الفساد في أي دولة والتي تعتمدها الهيئات الدولية والمنظمات المعنية بمكافحة الفساد.
فلا يمكن محاربة الفساد بالندوات واللقاءات والحديث عنه ليل نهار فقط، لأن كثيرا من المسئولين الذين كانوا يدعون الطهارة سقطوا في قضايا فساد ورشوة وإهدار مال عام أو استخدام الوساطة والمحسوبية للوصول إلى مناصبهم، فالفساد يحتاج إلى حريات وحقوق الإنسان حتى تتم مقاومته، لذا وضعت الأمم المتحدة اليومين خلف بعضهما من تأكيد الارتباط بين معركة مكافحة الفساد وبين تعزيز حالة حقوق الإنسان.
ومع مرور الأيام واعتبار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عرفا دوليا محل اجماع سقطت كل دعاوي الخصوصية الثقافية والمجتمعية وفقا لما اقرته الأمم المتحدة التي نحن دولة عضو فاعل فيها من اتفاقيات تعزز حقوق الإنسان، وتدعم الحرب على الفساد أصبح الأمر عالميا وأصبحت الشرعية الدولية لحقوق الإنسان هي القاعدة الأساسية وأصبحت الاتفاقية الأممية لمكافحته من أكثر الاتفاقيات الأممية تصديقا من الدول.
والفساد يحتاج إرادة شعبية قوية موازية للإرادة السياسية. فاكتمال الإرادتين يسرع في عملية مكافحته وتحقيق طفرات في هذه الحرب الشرسة. لأن لوبيات الفساد متشعبة وموجودة في كل مكان طالما وجد فيه إنسان طماع. وفي كل مؤسسة حلقة ضعيفة يدخل منها الفاسدون لتحقيق أغراضهم. سواء من كسب غير مشروع أو الاستيلاء على ما ليس هو حقهم أو بسط نفوذ ليس لهم على غيرهم. ولكي يتم التصدي لهذه الحلقات الضعيفة يجب أن نقوم فورا باتباع الروشتة الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وخاصة في الفصل الأول منها، بداية من تشكيل هيئة مستقلة لمكافحة الفساد وانتهاء بقانون لحماية المبلغين والشهود في قضايا الفساد. وتعزيز حرية الرأي والتعبير والسماح بتعددية إعلامية تفضح وتكشف الفاسدين في أي مكان أو مؤسسة.
وهذه الروشتة التي شارك في وضعها خبراء في القانون الدولي. وحكومات 190 دولة تقدمت باقتراحات على مواد الاتفاقية وخرجت على ما هي عليه الآن. أي أنها وليدة خبرات كبيرة في مجال مكافحة الفساد.
وسوف تشهد مصر الاثنين، انطلاق مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، لإكمال هذه المنظومة الدولية الموحدة، لمجابهة هذا الخطر الأكبر على التنمية في أي دولة، وبمشاركه 160دولة وهي الدول التي صدقت ووقعت على الاتفاقية بجانب عدد كبير من مسئولي الأمم المتحدة والخبراء الدوليين.
فاستضافة مثل هذه المحافل يصدر رسالة أن الدولة جادة في محاربة الفساد. وأن الاستفادة وتبادل الخبرات أمر مهم. خاصة وأن الفساد لم يعد قضية محلية بل هي قضية دولية. ووضعت الاتفاقية آليات وضوابط لتسليم المتهمين بارتكاب جرائم الفساد ومصادرة أموال الفاسدين مع تقلص مساحات الملاذات الآمنة للعائدات من الفساد.
فقضيه الفساد تحتاج إلى عمل وتحتاج إلى تفعيل بنود الاتفاقية وتنفيذ ما ورد بها من التزامات وفق المعايير الدولية. ووقتها سنكون القاطرة التي تقود هذه الحرب المقدسة في المنطقة العربية والعالم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية