تخوض مصر معركة بناء كبيرة تشمل كل المحافظات تقريبا تعيد بناء الطرق وتضيف لها المحاور وتتخلص من العشوائيات القبيحة التي أحاطت بالقاهرة كلها وتعيد تسليح جيش مصر العظيم بأحدث الأسلحة والأنظمة وتعمل على استعادة دورها ومكانتها بين دول العالم والشرق الأوسط كقوة إقليمية كبيرة كانت قد افتقدت جزءا كبيرا منه طوال ثلاثون عاما قبل ثورة 25 يناير.
يتحمل الشعب المصري كله تبعات هذه النهضة ويتحمل كل ما تم وصدر من إجراءات. وغلاء وارتفاع في أسعار السلع والخدمات الأساسية والضرورية كالماء والكهرباء والغاز والبنزين والمرور وغيرها. وعينه وعقله وقلبه ينظران إلى الأفق حيث جنوب مصر وحيث الخطر الأعظم الذي يهدده وهو سد الموت الإثيوبي الذي لابد من التخلص منه بأسرع وقت وإلا ضاع منا كل إنجاز تحقق.
لقد استنفذت مصر كل أنواع التعامل مع الأحباش طوال عشر سنوات كاملة قدم العدو الإثيوبي. فيها أسوأ ما عنده من مؤامرات وعناد وصلف واستفزاز بكل وسائل الإعلام. وتصريحات وزرائه وخارجيته وقابلت مصر كل ذلك بصبر شديد ومرونة لا حدود لها. وكلما زاد صبر مصر زاد الصلف والاستفزاز الحبشي وأتموا بناء السد إلا قليلا وأتموا الملء الأول وأغرقوا السودان بعده ثم أتموا الملء الثاني بلا أدني تعاون أو تشاور مع مصر أو السودان و دون أن تهتز لهم طرفة عين.
و رغم الحرب الأهلية المشتعلة في إثيوبيا والمجازر والمذابح التي تدور هناك بين العرقيات المتصارعة فقد عاد السفاح آبي أحمد بقضية سد الموت الأثيوبي إلى الأضواء ثانية ويتاجر بها و يعتبرها انتصارا له حتى يصرف نظر الإثيوبيين عن الحرب الأهلية ويتجمعوا حوله ضد العدو الخارجي مصر والسودان اللذان يعتدي هو على مياههم وحدودهم فهو يغير التاريخ ويقتل مائة وخمسون مليون نفسا بشرية بمنع مياه النيل من التدفق لمصر والسودان ويحتل أراضي السودان الفشقة الصغري والكبري والتي تبلغ ملايين الأفدنة من أخصب أراضي العالم كله ويحرم السودان من خيرها ويدعي أنها أرض متنازع عليها رغم أنها أراضي سودانية مائة في المائة .
المفاوضات والدبلوماسية والأمم المتحدة لم تخدم قضيتنا ولم تمنع إثيوبيا من بناء السد ولو ليوم واحد بل ساعدتها على إضاعة الوقت والفرص علينا وأتاحت للعدو الوقت الكافي للبناء والملء وأصبحت قضية السد نقطة ضعف كبيرة للأمة المصرية فكل من أراد أن يضغط عليها زار إثيوبيا وأمدها بالمال والسلاح نكاية في مصر.
كما أن المناورات المصرية السودانية على الحدود مع إثيوبيا وبأحدث أنواع الأسلحة. أصابت العدو الإثيوبي بالقلق الحقيقي ولكنها لم تتراجع ولو لخطوة واحدة بل. وهاجمت الحدود السودانية وقتلت من أفراد الجيش السوداني الشقيق العديد من الشهداء. من الضباط والجنود ومازالت على تلك السياسات حتى هذه اللحظة.
وبالطبع استغل السفاح آبي أحمد الدعم العسكري الصيني والتركي والإماراتي لدفع قوات جبهة تحرير التيجراي للتراجع مرة أخري وبعد أن كانوا يحاصرون أديس أبابا عادوا للدفاع عن إقليمهم ضد القوات الإثيوبية و الإريترية المتحالفة معها وأعطي ذلك قبلة الحياة لهذا السفاح ليعود ويجتمع بقياداته عند السد و يعلن استعداد إثيوبيا لبدء توليد الكهرباء منه .
الآن إما أن تحيا مصر و إما أن تضيع مصر إلى الأبد. فهذا السد يمثل تهديدا لم ينجح الأعداء في فرضه إلى الآن. وجيش مصر دائما وعبر التاريخ وما قبل التاريخ كان ومازال الدرع الذي تدفع به الأخطار عن الأمة المصرية. وهو قادر على تغيير المعادلة على الأرض وهدم السد بمساعدة من قاموا أصلا ببنائه. وهم جبهة تحرير التيجراي التي ذاقت الذل علي أيدي قوات آبي أحمد وحلفائه وتعلم أنها هي أيضا مهددة بالضياع. وتحتاج لدولة قوية مثل مصر للدفاع عن وجودها و لديهم خبرات عسكرية متراكمة في إدارة الحروب وخاصة حرب العصابات.
ولا أظن أن الصين وتركيا والإمارات سيضحوان بمصالحهم مع مصر لو أصبحت مصر في مواجهة إثيوبيا قبل أن تملأ إثيوبيا الملء الثالث ويصبح كل ما قمنا به عبث وتصبح رقبتنا وقرارتنا وكرامتنا تحت يد من يمسك بمحبس المياه في إثيوبيا.
الآن وصلنا إلى المرحلة الأخيرة وكتب علينا القتال والمواجهة ضد من يحاول قتلنا جميعا. مرة واحدة ودون أن يطلق رصاصة واحدة. كما أنه لا يملك صاروخا ولا طائرة ولكنه بني سدا. فأصبح لزاما علينا أن نعيش مرحلة «يا روح ما بعدك روح».
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية