منذ عام تقريبًا، كتبت مقالاً، طلبت من خلاله، الاهتمام بعدد من الحرف والصناعات التي تتركز في قرية أو محافظة بعينها، دون غيرها، وهى ذاتها الطريقة التي تمكنت من خلالها دولة الصين، من تحقيق نهضة صناعية عظيمة، فقد تحولت قراها ومدنها، إلى مراكز صناعية متخصصة، وهو ما نحتاجه لنتمكن من الاكتفاء الذاتي، وحتى نعبر إلى التصدير الدائم المستقر، لصناعات وحرف، نمتلك أدواتها.
تعالوا نُعد قراءة المقال!
هذا البلد، يمتلك إمكانيات ضخمة، لم يتم استغلالها فعلياً حتى الآن، ونستطيع إنشاء مشروعات ضخمة في مجالات تسهم في الناتج القومي، وتؤدى إلى زيادة الإيرادات الحقيقية، لمنظومة الاقتصاد، ولكن يكفي أن تتجه أنظار رجال الصناعة المصريين لها، وأن تساعدهم مؤسسات الدولة في تحقيق المستهدف الاقتصادي من هذه المشروعات!
مثلًا.. محافظ الدقهلية، لماذا لا يقوم بزيارة قرية «الجراح» بمركز أجا، لسؤال الناس هناك عن احتياجاتهم، ومشكلاتهم، والمعوقات المتعلقة بالإنتاج؟! قرية الجراح لمن لا يعرفها، هي القرية النموذجية الأهم في محافظة الدقهلية، لأنها نجحت في القضاء على البطالة تمامًا، فجميع أبناء القرية يعملون في صناعة الزجاج، وتعمل النساء في زخرفتها، وتخصصت القرية في هذه المهنة، حتى تمكنت الورش الموجودة بها، من تشغيل الكبار والصغار، في مراحل التصنيع المختلفة، بل إنها نجحت في تشغيل بعض أبناء القرى المجاورة، في هذه المهنة، ونجحت أيضاً بعض الورش في تصدير المنتجات للخارج، وأسهمت في جلب عملة صعبة للبلاد، نحن هنا نتكلم عن قرية كاملة تسهم في الناتج القومي، وحتى الآن لم تتدخل الجهة المسئولة عن رعايتهم لتطوير عمل الورش هناك، وتحويلها إلى مصانع كبيرة، بتكلفة تصل إلى مليار جنيه، أو ما يوازى 60 مليون دولار، لن تضيع في الهواء، ولكنها ستحقق مئات الملايين من الدولارات خلال سنتين على الأكثر، لتتحول إلى صناعة عملاقة تحقق دخلًا ثابتًا، للقرية، والمحافظة، والدولة!
وبمناسبة الزجاج.. هل تعرف أن منطقة البحر الأحمر، ووسط وجنوب سيناء يوجد فيها «كنز»؟ نعم كنز طبيعي اسمه رمال الصحراء!! لأن مصر واحدة من أهم دول العالم، في امتلاك الرمال البيضاء وبكثافة عالية، وهذا النوع من الرمال يتم استعماله في تصنيع الزجاج والكريستال، وللأسف نحن نقوم بتصدير هذه الرمال البيضاء إلى عدد من البلدان الصناعية في أوروبا وآسيا، خاصة، إيطاليا والصين، بسعر 30 دولارًا للطن، وتقوم هذه الدول بتصنيعه، وإعادته لنا زجاجًا فاخرًا، بسعر يتراوح بين ألف وعشرة آلاف دولار للطن الواحد! بل يتزايد السعر إذا تم تحويله إلى رقائق إلكترونية! ورغم ذلك لا نسعى، بأي صورة، لتحويل الرمال إلى ذهب، من خلال إنشاء مصانع عملاقة، تقوم بتحويل هذا الكنز المجاني المتواجد منذ آلاف السنين في صحرائنا الشرقية إلى زجاج مصري فاخر! ألا تستحق هذه الفكرة رعاية الدولة؟!
ألا تستحق مصانع كريستال عصفور وياسين لصناعة الزجاج ومصانع مدينة السادات للزجاج. البحث في أسباب تراجعها وفشلها إدارياً وإنتاجيًا؟، ألا يستحق أصحاب ورش صناعة الزجاج الصغيرة، في الدقهلية وغيرها، تسليط الضوء على مشكلاتهم، واستماع المحافظين لهم. مثلما يستمعون، لأصحاب المشروعات الفردية ضعيفة الناتج، التي تمثل نوعًا من أنواع البطالة المقنعة؟!
النماذج التي تستحق الاهتمام والرعاية كثيرة، ولكن تحتاج إلى إرادة من المحافظين والمسئولين المحليين. والوزراء المعنيين، ويجب أن تكون لديهم مبادرة اقتحام المشكلات الاقتصادية بطرق غير تقليدية!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية