العلاقات المصرية الجزائرية لها خصوصية تاريخية، وتعميق وترسيخ هذه العلاقات في هذا التوقيت له دلالات هامة، في ظل ما تشهده المنطقة من صراعات شديدة وتدخلات خارجية تهدد بتفاقم وتفجير الأوضاع الملتهبة.
مؤكد أن زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى مصر ولقاءه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا التوقيت له دلالة وأهمية خاصة، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وكلنا يعلم أن العلاقة بين مصر والجزائر تاريخية ومتجذرة وتتجلى بوضوح في أوقات الشدائد والأزمات والحروب، منذ المسيرة الوطنية التي خاضتها الدولتان والشعبان جنبًا إلى جنب منذ ما يقارب من قرن من الزمان.
وتأتى أهمية اللقاء المصري الجزائري في هذا التوقيت لإحداث طفرة جديدة في العلاقات الثنائية، ومواجهة ملفات شائكة لكلا البلدين بشكل خاص والعالم العربي بشكل عام، بسبب تزايد التدخلات الخارجية في الشئون الداخلية للدول العربية، وابتزاز ثرواتها، وتعميق ونشر الفوضى والصراعات بها سواء بنقل المرتزقة إليها أو بمساعدة الجماعات الإرهابية، مما يحتم التنسيق المصري الجزائري قبل انعقاد القمة العربية في الجزائر قريباً والتي تناقش عددًا من الملفات والقضايا الشائكة، وفى حاجة إلى قدر من التوافق العربي في مواجهة بعض الدول التي لا تزال تعمل وفق توجيهات خارجية لإفشال أي توافق أو تقارب عربي.
أهمية التنسيق والتوافق المصري الجزائري في هذا التوقيت، تؤكد على حجم المخاطر التي تواجه المنطقة وكلا البلدين، وعلى رأسها الملف الليبي الذى بات يشكل تهديدًا للأمن القومي لكلا البلدين والعالم العربي بشكل عام، بعد أن سقطت على أرضه كل الأقنعة وتكشفت النوايا سواء من الطرف التركي أو بعض الأطراف الأوروبية والقوى الدولية التي لا تزال تعقد أموره وتساعد وتساند الجماعات الإرهابية والمرتزقة والميليشيات المسلحة في نشر الفوضى وتعميق الانقسام الداخلي الذى تسبب في عدم إجراء الانتخابات، ووقف حائلاً أمام قدرة الشعب الليبي لاختيار ممثليه وتحديد مصيره ومستقبله بنفسه وفرض سيادته وإرادته على وطنه والتحول نحو الاستقرار وإعادة بناء مؤسساته ووطنه بإرادته الحرة.
أيضاً تفرض قضية سد النهضة نفسها على العلاقات المصرية الجزائرية وجدول أعمال الجامعة العربية القادمة باعتبارها قضية وجودية لمصر والسودان، وقضية أمن قومي عربي، خاصة أن الجزائر تلعب دورًا هامًا في هذا الملف للوصول إلى توافق واتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث، ثم تأتى القضية السورية التي لا يزال مقعدها شاغرًا في الجامعة العربية منذ عام 2013 على خلفية الأحداث التي شهدتها في2011.
وبعد أن تكشفت أبعاد وحقائق ما سمى بالربيع العربي الذي أدى إلى انهيار الدول واستدعاء التدخلات الخارجية، تتصاعد الدعوات الآن من أطراف عربية عدة منها مصر والجزائر والإمارات العربية والأردن لإعادة تمثيل سوريا وعودة نشاطها إلى الجامعة العربية في مواجهة رفض بعض الدول التي تتخذ موقفاً من النظام السوري، كما كان الملف الفلسطيني حاضرًا بقوة على جدول مباحثات قمة القاهرة وتأكيد الزعيمين على قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
لقد أكد البيان الختامي لقمة القاهرة بين السيسي وتبون على تاريخية اللقاء وأهميته في هذا التوقيت سواء على مستوى العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والعمل لزيادة ودفع التعاون الثنائي في شتى المجالات خاصة الاقتصادية والتجارية.. أو على المستوى السياسي والتشاور والتنسيق المستمر لصياغة موقف موحد في مواجهة شتى القضايا الإفريقية والمتوسطية والدولية، بالإضافة إلى العمل معًا لتفعيل آليات العمل العربي المشترك في إطار جامعة الدول العربية، بهدف الحفاظ على الأمن القومي العربي في ظل التحديات الخطيرة التي تواجهها المنطقة.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية