ما أصعب أن تودع أصدقاء وزملاء وأقارب أعزاء في يوم.. الموت ما زال يختطف منا كل حبيب وصديق، لا تكاد أن تفوق من حزن على صديق وإلا صديق آخر.
ففي يوم واحد أتاني خبران، الأول وفاة الصديق العزيز والأخ الفاضل ياسر رزق. والثاني عمي العمدة عرفان عرمان.. أصدقكم القول أصبت بشلل في التفكير. فلم نكد نفوق من صدمة الزميل والأستاذ الكبير إبراهيم حجازي حتى جاء خبر ياسر.
فقد تذكرت ياسر رزق منذ حادث غرق باخرة سياحية في نيل مدينة ادفو بأسوان. التقينا في مطار القاهرة في عام 1988 ونحن ذاهبون للتغطية وتوجهنا من مطار أسوان إلى مكان غرق الباخرة مباشرة وقمنا بعملنا على مدار أسبوع نتابع عمليات الانقاذ وتحقيقات النيابة وأقوال الشهود، ووقتها لم يكن هناك وسيلة اتصال إلا فاكس في سنترال مدينة إدفو وكنا نذهب إلى مدير السنترال من أجل أن يسمح لنا بإرسال ما نكتبه.. وكنا نرسل الأفلام المصورة عن طريق شركة مصر للطيران التي كانت تقوم بتسليمها إلى مكتبي الوفد والأخبار في مطار القاهرة.
تذكرت ياسر عندما قمنا بتغطية غرق الباخرة سالم اكسبريس في سفاجا والتي راح ضحيتها مئات من المصريين، والتقينا هناك في تغطية الكارثة ووقتها احتللنا مكتب رئيس مدينة سفاجا، لأنه لم يكن هناك تليفون أو فاكس إلا في مكتبه والرجل اعتبرنا أولاده، وترك لنا مكتبه وحولناه إلى صالة تحرير مع الزملاء من المؤسسات الآخري.
عندما بدأ ياسر رحلته في العمل النقابي وترشحه لعضويه مجلس نقابة الصحفيين، كنت من مؤيديه ودعمت ترشحه وقد كان، فاز هذا الشاب الذي لا يبخل على أحد تتصل به تجده.. وقف مدافعا عن حرية الصحافة في معركة قانون اغتيال الصحافة انحاز إلى الجمعية العمومية.
وياسر كان نقابيا قريبا من شباب الصحفيين لذا أحبوه.. وأصبح نجما نقابيا كما كان نجما صحفيا.. وكان ودودا وهو ما ظهر في حالة الحزن التي سادت الوسط الصحفي على فراقه.
تجربة ياسر رزق مع مجلة الإذاعة والتليفزيون يجب أن يتم تدريسها، فحولها من مجلة لا توزع إلا عددا محدودا من النسخ وتوزع على العاملين في المبني إلى مجلة ارتفع توزيعها إلى أكثر من 100 ألف نسخة عندما طورها واخترع وقتها كتيبا صغيرا يوزع أسبوعيا تردد القنوات التليفزيونية على الأقمار الصناعية.
الموت اختطف ياسر رزق في أوج نجاح كتابه الجديد الذي يعتبر توثيقا لثورتي يناير و30 يونيو لأن ياسر كان قريبا من دوائر صنع القرار في هذه المرحل، وكشف لنا في كتابه مواقف كانت خافية عنا ونال الكتاب ترحيبا واسعا إعلاميا وكان من المقرر أن يقيم حفلا لتوقيع الكتاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
وداعا يا صديقي العزيز فقد أحزنني رحيلك وفجعت به ولا نملك إلا أن ندعو لك رب العالمين أن يدخلك فسيح جناته ويصبر أسرتك وأهلك على فراقك.
والفاجعة الثانية كان عمي العمدة عرفان علي إسماعيل عرمان.. هذا الرجل الذي كان يتميز بحكمة فطرية ودودا ومحبا للناس ومجاملا لأبعد الحدود وكريما. وكان كبيرا للعائلة كلها الكل يستأنس برأيه ويتشاور معه. لكن إرادة الله شاءت أن يلقي ربه في يوم الأحزان. ولا أملك إلا أن أتقدم بخالص العزاء لأبنائه وأحفاده وأدعو الله أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يدخله فسيح جناته.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية