ما تشهده الأسواق الآن من حالة الارتباك بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة والتي أدت إلى خفض قيمة الجنيه المصري بنسبة 20% في إطار تعويمه للمرة الثانية خلال سنوات قليلة. أمر طبيعي في مثل هذه الحالات.
هذه القرارات التي صدرت تحت وطأة الحرب الروسية الأوكرانية التي أصابت العالم في مقتل خاصة الدول المستوردة للنفط والغاز والحبوب مثل القمح. وهي حرب غير متوقعة وكانت تهدف إلى التصدي لأطماع غرب أوروبا في شرقها كما أتت بعد وباء ضرب البشرية كلها.
ولأن المعالجات الحكومية السريعة بسلسلة من القرارات التي أدت إلى زيادة في مرتبات العاملين في الحكومة والدولة والقطاع العام فقط. ولم تشمل بأي حال من الأحوال العاملين في القطاع الخاص الذين هم غالبية سوق العمل في مصر.. في الوقت الذي استغل القطاع الخاص القرارات في رفع الأسعار بصور مبالغ فيها في الوقت الذي لا تستطيع الحكومة التدخل. لوضع هامش للربح بدعوى أننا نتبع سياسة الاقتصاد الحر.
فالأزمة الاقتصادية العالمية الآن تحتاج إلى تحرك دولي لوقف الحرب الروسية الأوكرانية. وكذلك مد الجهد لوقف جميع النزاعات المسلحة في العالم. فحتى يستطيع الاقتصاد العالمي استعادة قوته فيجب أن يعم الاستقرار في العالم كله وأن تعود الحياة إلى طبيعتها بعد محن مرت بها البشرية في السنوات الخمس الأخيرة.
وهذه المحن أدت إلى ارتفاع نسب الفساد العالمي بصورة كبيرة. لأنها أدت إلى احتكار شركات وهيئات النشاط الاقتصادي في أغلب دول العالم. مما أدى إلى إفلاس الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لم تستطع مواجهة هذه الكيانات الكبرى. والتي يختلط البعض فيها بإمكانيات الدول نفسها مما جعلها قوية ولا يستطيع أحد منافستها.
وهنا يجب أن تتدخل الحكومات بقوة لضبط الأسواق ووضع هوامش للربح لكل سلعة. مثلما فعلت الحكومة المصرية مع رغيف الخبز السياحي وحددت له سعرا ضمن ربح مريح لمنتجيه. وكنت أتمنى أن تنطبق هذه الحالة على جميع السلع الأساسية للمواطن حتى لا يتعرض للابتزاز من قبل تاجر جشع أو مصنع ليس عنده ضمير .
فكثير من الدول الليبرالية العريقة والتي لديها اقتصاد منفتح وتفتح الباب أمام المنافسة بعد أن تخلق ظروفا متساوية بين الجميع تدخلت لوضع هامش للربح لبعض السلع الأساسية والإستراتيجية للمواطن وللدولة حفاظا على الأمن القومي. وأصبح وضع هامش للربح أمر ضروري. كما قامت بحملات للتصدي للفساد بكل حسم وحزم وضربت بيد من حديد على الفاسدين أيًا كان موقعهم أو مكانتهم حتى تحقق لها الاستقرار.
وهذه الإجراءات مؤقتة مرتبطة بانتهاء الأزمة العالمية والعودة الحياة إلى طبيعتها. وعندما تعلن المؤسسات المالية الدولية حالة الاستقرار الاقتصادي العالمي. يمكن أن تلغى الحكومة كل هذه القرارات وتتركها مرة أخرى للعرض والطلب. مع تفعيل قانون تجريم الممارسات الاحتكارية الذي لم نسمع عن تنفيذه منذ سنوات طويلة.
فالأزمة الحالية أتت بعد أزمة وباء «كورونا» الذي حرم الملايين من الاستمتاع بأبسط حقوقهم مما جعل الناس تشعر بصعوبتها رغم مرورنا بأزمات أعنف منها. وخاصة بعد الحروب التي خاضتها مصر ضد الكيان الصهيوني والفترة الأصعب ما بين عامي 1967 وبين 1973. إلا أنها مرت وعبرناها وأتت أزمة غزو الكويت ثم حرب الخليج الأولى وحرب الخليج الثانية ثم أحداث وثورات الربيع العربي. إلا أن الأصعب هذه المرة. أن السنوات الصعبة طالت وامتدت من ثورات إلى وباء وأخيرا حرب رغم بعدها عنا إلا أن العالم تأثر بها.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية