منذ أن عملت بالصحافة وأردت أن أكون بعيدة كل البعد عن العمل بالملف القبطي لأن طالما وجدت دائما الصحفيين المسيحيين في كل المواقع والصحف المصرية أغلب عملهم داخل ملف الكنيسة، لذا سعيت أن أخرج خارج السياق وأثبت أننا ضمن المجتمع نحمل داخلنا جميع قضايا المجتمع ليست التي تخصنا فقط.
وكنت أشجع أصدقائي المسلمين بجريدتي التي أعمل فيها البوابة نيوز الذين جاءوا ليأخذوا رأي في مسألة تغطية مسلم لملف الكنيسة، لأنني كنت أريد من يدافع عن القضية القبطية أبناء الوطن المصريين المسلمين قبل المسيحيين، وأريد أن ينغمس المسلمون أنفسهم داخل مشاكل الأقباط ويحملونها وتكون قضيتهم ويدافعون هم عنها ليكونوا غير دليل على الترابط أكثر من بيان إدانة.
مرت أحداث طائفية كثيرة تعرضت لها الكنيسة قبل ثورة يناير وعقبها، كنت أنزعج كثيرا عند وقوع تلك الحوادث، ولكن رأيت تغير وخط سير واضح، عدل ما كان يحدث، بداية من قرارات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أمر ببناء كنيسة داخل أي منطقة سكنية حتى لو كان عدد المسيحيين قليل، وسهولة تراخيص بناء الكنائس أكثر من قبل ثورة يناير، وأصدر قرار بإلغاء الزوايا الصغيرة، ثم بدأ يعمل ويوجه بتغيير الخطاب الديني، الذي أشهد أنه تغير كثيرا فعلا بشكل واضح، بعد أن كنت أسمع عبارات الدعاء على غير المسلمين من ميكروفونات الزوايا الصغيرة، تغير هذا إلى خطبة بها توجيه للقيم وأخلاق حميدة.
نتائج هذه التوجهات ظهرت في سيادة الأمن وقلة الحوادث الطائفية بكل أنواعها، فتحديدا منذ عام 2018 توقفت حوادث التفجيرات والقتل التي كانت تحدث قبل كل عيد للأقباط في مصر، والتي استمرت تلك السلسلة منذ وقوع أول حادثة في أواخر عام 2010 وهي حادثة انفجار كنيسة القديسين بالإسكندرية وتوالت بعدها الأحداث المؤسفة.
ما أزعجني وجعلني أخرج عن صمتي وأتحدث في القضية التي كنت أود التزم الصمت بها. هو عنوان صدمني بجريدة تعد جريدة ليبرالية حرة تعودنا منها على التثقيف والتنوير منذ خروجها قبل ثورة يناير. وهي جريدة «المصري اليوم» التي خرجت علينا صباح أمس الثلاثاء. بعنوان يفجر أزمة طائفية وهي والمكان الذي يجب أن يخرج منه محاربة العنف والإرهاب. لتخرج علينا بعنوان نصه «ما حكم بيع الطعام في رمضان للكافر».
لم تزعجني حادثة مقتل كاهن الإسكندرية على يد إرهابي مدعي أنه مختل. ولا تزعجني حادثة اختطاف سيدة مسيحية هي وبنتها الطفلة. وظهورها بعد عدة أيام في فيديو تعلن فيه إسلامها بشكل رسمي بورقة رسمية. والفيديو يوضح علامات التعذيب والإرغام على وجهها. ومع ذلك لم تتدخل الدولة وتتحرك أجهزة الأمن لتنهي هذه المشكلة، أيضا لم تزعجني واقعة «كشري التحرير» الذي منع سيدة مسيحية وطفلتها من الأكل بسبب صيام شهر رمضان، كل هذا لم يزعجني بقدر عنوان المصري اليوم، لأن الأخطار من الفعل الإرهابي من يزرع تلك الأفكار وينشرها.
الإرهابي يقتل عدد محدود أمامه ويهرب أو يقدم للمحاكمة. ولكن من بيده تغيير الفكر يدمر شعب بالكامل ويستطيع بفكرة أن يجعل الجميع يحملون سلاح. كلمة القلم أقوي من طلقة رصاص.
الوضع لا يستدعي اعتذار بمقدر ما يستوجب ردع وعقاب لكل من يريد أن يعود بالمجتمع للخلف. وقد ذكرت من قبل أننا تخطينا هذه الخطوات ونحبو حاليا نحو مناخ أمن يمتلئ بالسلام والهدوء. للنظر إلى التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلد.
لما تعودوا بنا إلى الوراء، تعودوا بنا لجلسة من جلسات فض الاشتباك وجلسات بيت العائلة؟!!! لما تجرونا إلى حوارات أصغر بكثير من وضع بلدنا الحبيبة مصر، لما تجعلونا ننغمس في مشاكل غير مقبولة ونترك كل ملفات التطوير التي تسعي البلد جاهدا لتنهض بها.
كل هذا يجعلني أسرع وأرفع صوتي كصوت إنذار السيارة عندما تسير عكس الاتجاه. فتجدها «ترسل لك عبارات إنذار مضمونها احترس السيارة ترجع إلى الخلف».
رسالتي لسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وكل أجهزة الدولة وكل مواطن يعشق تراب بلده. لا تدعو البلد تعود للخلف وعليكم التدخل بموقف حاسم ضد كل من يحاول ذلك.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية