يوم 3 مايو هو اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ويتلوه يوم 10 يونيو هو اليوم المصري لحرية الصحافة والذي اسقط فيه الصحفيون المصريين منذ 26 عامًا قانون اغتيال حرية الصحافة، والذي كان يجيز حبس الصحفي على الخبر الصحيح مدة تصل الى 15 سنة.
وبين اليوم العالمي واليوم المصري سقطت الصحافة المصرية في مستنقع من المشاكل المالية والإدارية وتدهورت اقتصادياتها إلى حد أنها الأن في غرفة الانعاش.
وإن كان حال الصحافة الورقية في العالم كله الآن في انهيار بسبب المنافسة الشرسة من الصحافة الإلكترنية أو من التطبيقات الأخبارية على الهواتف المحمولة ومن القنوات التلفزيوينة التى لديها ميزانيات ضخمة خاصة تلك التى تدعمها حكومات أو كيانات إقتصادية قوية وكبيرة.
ولكن الحال في مصر أصعب بكثير منه في العالم لعدة أسباب منها ارتفاع أسعار الصحف في مقابل عدم وجود خدمة تشجع القارئ على شرائها وإختفاء الرأي الآخر فيها والوضع الاقتصادى العام وانهيار القدرة الشرائية لدى المواطنين.
والمشكلة الأهم هو اتجاه المعلنين إلى الاعلانات الرخيصة على محركات البحث وخاصة جوجل الذي يقدم أسعارًا لاتستطيع اى مؤسسة تقديم مثلها.. أو إلى الإعلان في القنوات التليفزيونية، حتى وإن كانت معادية للدولة.
أضف إلى ذلك احتكار عدد معين من الشركات عددهم لايزيد عن صوابع اليد الواحدة السوق الإعلاني في مصر وتتحكم في توزيع الإعلانات على الصحف والمواقع وفق رؤية القائمين عليها وليس وفق رؤية وطنية تهدف إلى انقاذ الصحافة.
والشئ اللافت للنظر أن المؤسسات النقابية أو المنظمة لمهنة الصحافة والإعلام لاتحرك ساكنًا أمام هذه الازمة.. حتى إنها تجاهلت إصدار بيان في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. وكأن الامرلايعنيهم رغم وجود العشرات من الزملاء المعطلين على العمل في النقابة ولايجدون فرصة عمل لهم بعد إغلاق صحفهم بسبب هذه الأزمة العنيفة و ماتم فعله الاكتفاء بمنحهم اعانة بطالة لاتغنيهم ولا تكفيهم.
ووضع الصحف في مصر الحكومية والخاصة والحزبية أصبح في حالة لا يمكن تصورها في يوم من الأيام ولو أغلقت تلك الصحف بسبب الأزمة الاقتصادية لن يحزن عليها أحد بسبب التجاهل التام من نقابة الصحفيين والهيئة الوطنية للصحافة والمجلس الاعلى لتنظيم الاعلام الذى سوف يسرع وتيرة إغلاقها وتضاف الى الصحف التى تحولت الى ذكرى فى حكايتنا عن امجاد المهنة.
الصحافة الحرة ليست ترفًا ولكنها هي أساس المجتمع لأنها المعبرة عنه الكاشفة عن خطاياه.. المحذرة من الاخطارالمجيطة به.. والمنبه لمن فى السلطة عن من يريد الإضرار بالمجتمع، ففى ظل القيود المفروضة على حرية الصحافة يتمدد الفساد ويكبر ويقوى كل يوم وتتشابك مجموعاته فى كل مكان، وتكون حائط عازل للحاكم تمنع عنه وصول الحقيقة ويصبح لوبي الفساد هو المتحكم في كل شيء.
الصحافة هى أساس الديمقراطية لأنها العلامة الأبرز على تمتع أي مجتمع بالحريات الأساسية وعلى رأسها حرية الرأئ والتعبير.. وهى حائط الصد الأول ضد الشائعات وتزييف الأخبار والترويج للسحر والدجل والشعوذة.
وقيل قديمًا أن الصحافة الحرة هي حصن للحاكم قبل المحكومين، وهي حماية لقيم وتقاليد المجتمع وهى المدافع الأقوى عن القضايا الكبرى في البلد.
الصحافة تحتاج الآن إلى قبلة الحياة حتى تعود لتلعب دورها التنويري للأمة وهذه القبلة تحتاج من مجلس نقابة الصحفيين أولا نبذ الخلافات بين أعضائه والالتفاف حول هذه القضية وإلزام الهيئات المنظمة بأن تقوم بدورها المنصوص عليه في قوانينها وليس دور حامل العصا التي تقوم به الآن، وأن تعمل بصدق مع النقابة والدولة في انعاش قلب مصر و هو الصحافة.
للمزيد من مقالات الكاتب أضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية