بقلم – رائد العزاوي
فى الوقت الذى تتجه فيه أنظار العالم صوب مقر الأمم المتحدة فى نيويورك ينتظر العالم أن نقدم لهم صورة جديدة لعالمنا العربي، وليس لنا غير ما سيقدمه الرئيس عبدالفتاح السيسى من ورقة تأكيد تكون متكاملة لأهم القضايا التى يواجهها العالم العربى من المحيط إلى الخليج.
أمام الرئيس السيسى مهمة ثقيلة وصعبة وشائكة، فما زالت الإدارة الأمريكية تضع قضايا المنطقة العربية فى الترتيب الخامس أو السادس ضمن أولوياتها، فالقضية الفلسطينية تراوح مكانها ولم يحصل أى تقدم رغم أن مصر قدمت إطارا جديدا من التفاوض بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلي، ولهذا فإن الرئيس السيسى فى لقائه مع الرئيس الفرنسى والأخير حاول وما زال يحاول إقناع الجانب الإسرائيلى بضرورة التفاوض على أساس الأرض مقابل السلام.
سيلتقى الرئيسان على هامش اجتماعات الجمعية العامة، الرئيس السيسى مقتنع جدا أن الفرنسيين لهم مطامع كبيرة فى حل القضية الفلسطينية، فإذا ما تم لهم ذلك فلا باب إلا مصر، وأولاند يعرف جيدا أن السيسى يستطيع أن يقنع الفلسطينيين بضرورة المرونة، وهذا ما سيقوله السيسى لـ«أبو مازن» الذى سيلتقيه أيضا فى نيويورك.
أمام الرئيس السيسى لقاء هام جدا مع رئيسة وزراء بريطانية تيريزا ماري، خصوصا فى موضوع مكافحة الإرهاب وتصنيف الجماعات الإسلامية المتشددة كقوة إرهابية، فتيريزا لديها ملف مهم كانت تهتم به وهو جماعة الإخوان المسلمين منذ أن كانت وزيرة للداخلية، وأعتقد جازما أن الرئيس السيسى سيحث تيريزا على وقف الدعم لهذه الجماعة وتحديدا داخل المملكة المتحدة، وإيقاف عمليات التمويل التى يحصل عليها عناصر هذه الجماعة.
وسيضع الرئيس السيسى ورقة مهمة أمام الاجتماع حول موضوع الهجرة غير الشرعية والمهاجرين، والورقة متعددة الجوانب منها ما يخص كيفية تعامل الدول مع من وصل لها من مهاجرين ومنها ما هو سياسى بمعنى أن أمن أوروبا يكمن فى أمن سواحل جنوب المتوسط، وهنا فى هذا النقطة ستظهر القضيتان الليبية والسورية وعلى جانب آخر ستظهر قضية دعم استقرار إفريقيا وعدم تدخل دول أوروبا فى الصرعات داخل إفريقيا.
وهو أول رئيس عربى يشارك فى اجتماعات مجلس الأمن الدولى، فمصر عضو غير دائم فى هذا المجلس، والسيسى سيتحدث عن أزمات سوريا وليبيا واليمن والصراعات المتعددة فى السودان وجنوب السودان ومسألة أمن الخليج العربي، وسيظهر الرئيس السيسى ورقة مهمة، وطرحا ربما يكون مختلفا عن باقى الدول العربية حول تلك الأزمات، وربما أيضا سيكون مختلفا عن وجهتى النظر الأمريكية والروسية خصوصا فى الملفين السورى واليمني.
وأعتقد أن الرئيس السيسى بما عرف عنه من مواقف واضحة سيحرج دولاً كثيرة لديها أجندات مخابراتية لا تريد للمنطقة العربية الاستقرار، فالكل يريد أن ينفذ التقسيم فى اليمن وفى سوريا على أساس طائفى ومذهبى وعرقى، وهذا ما ترفضه مصر جملة وتفصيلا، وهنا أمام الرئيس السيسى فرصة ربما لن تتكرر إذا ما استطاع أن يشق صفوف هؤلاء، ربما سينجح فى إيجاد حل للأزمتين السورية واليمنية.
كما يترأس الرئيس السيسى فى اليوم نفسه قمة مجلس السلم والأمن الإفريقى التى تعقد بمقر بعثة المفوضية الإفريقية على هامش أعمال الجمعية العامة لمناقشة تطورات الأوضاع فى جنوب السودان، ولمصر ورقة واضحة فى حل الصراع فى جنوب السودان تتمثل فى وقف القتال ونزع السلاح من جميع الأطراف وإجراء انتخابات برعاية دولية، والرئيس السيسى يستطيع أن يقنع باقى أعضاء مجلس الأمن الإفريقى بهذه الورقة.
الرئيس السيسى سيقود اجتماع لجنة الرؤساء الأفارقة المعنية بتغير المناخ لمناقشة نتائج مؤتمر باريس حول تغير المناخ فضلا عن التحضير للدورة القادمة للمؤتمر التى ستعقد فى مراكش فى نوفمبر ٢٠١٦، ومصر خلال رئاستها لهذا اللجنة فى الفترة الماضية، لكن الصعوبة تكمن فى أن أعضاء هذه اللجنة لم يقدموا شيئا لتحسين ظروف المناخ فى دولهم.
أمام الرئيس مهمة ثقيلة بلقائه مع الجالية المصرية وخصوصا الإخوة الأقباط، فمسألة قانون بناء الكنائس والحريات وتمويل مؤسسات المجتمع المدني… إلخ، على الرئيس أن يضع إجابات لكل هذا الأسئلة الشائكة والمعقدة، وأعتقد أنه الأقدر بين كل المسئولين على أن يجيب عن تلك الأسئلة.
وسائل الإعلام الأمريكية مهتمة جدا بهذه الزيارة، ويجرى الرئيس السيسى فور وصوله إلى نيويورك عددًا من اللقاءات الإعلامية منها لقاء تليفزيونى مع شارلى روز لقناة «بى بى إس» PBS الأمريكية، وصحيفة «واشنطن بوست»، وهنا تكمن الأسئلة المفخخة والملغمة التى سيطرحها الإعلام الأمريكى فى قضايا حقوق الإنسان والمرأة والتعامل مع جماعة الإخوان والنشطاء وحرية الصحافة، ولا ننسى أيضا أن وسائل الإعلام الأمريكية مشحونة بدفعات كبيرة من الكراهية ضد مصر وضد شخص الرئيس عبدالفتاح السيسى ومن الجيش المصري.
سيلتقى بترامب وهيلاري، وكلاهما سيقفان طويلا أمام هذا اللقاء وسيعيدان الحسابات بعد هذا اللقاء، فأخطاء الديمقراطيين ستحاول هيلارى ألا تكررها فيما يخص مسألة دعم جماعة الإخوان المسلمين، أما الجمهورى ترامب فلن يجد مصر كما كان يعرفها، لا جمهوريون فى السابق، مصر الرئيس السيسى مختلفة واضحة قوية بالدرجة التى تمكنها من أن تعيد حسابات أى رئيس جمهورى قادم إلى البيت الأبيض.
إن مع الرئيس السيسى كوكبة من أعضاء مجلس النواب أكفاء وعلى درجة من المسئولية، وأعتقد أنهم مقاتلون أشداء سيكونون عونا له وقوة ضاربة تضاف إلى كتيبة الإعلاميين، ورجال الأعمال المرافقون للرئيس، فهو مقاتل شجاع يعرف جيدا كيف يدير معاركه، وعلى من معه أن يلتزموا بخططه.
أمام الرئيس مهمة ثقيلة وكبيرة وهو أهل لها، قلب ملايين العرب فى مصر والعالم العربى معه، وما نملك من أقلام وسيوف ستكون معه، فقضايانا العربية المصيرية بيد هذا القائد، الذى ننتظر منه الكثير.