يحتفل العالم غدا السبت الموافق 10 ديسمبر.. بـ اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ففي مثل هذا اليوم اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأغلبية ساحقة وهذا الإعلان الذي اعتبر يوم صدوره فتحا جديدا في حياة الإنسانية.
فهو أول وثيقة تعدد الحقوق الأساسية للإنسان الذي يجب أن يتمتع بها واعتبرتها الحد الأدنى لها وعلى الحكومات التزام أخلاقي لتنفيذه وتمكين مواطنيها من ممارسة هذه الحقوق دون فرض قيود تعسفية على ممارستها.
وتحول هذا الإعلان على مدار السنوات من مجرد إعلان أخلاقي إلى عرف قانوني يتم النص عليه في الدساتير الحديثة في ديباجاتها مع تعهد بالالتزام به وتطبيق ما ورد به من أحكام كما أصبح وثيقة دولية تتمتع الآن بقبول جميع دول العالم.
وانبثق عن هذا الإعلان عدد كبير من الاتفاقيات الأساسية في مجال حقوق الإنسان بدأت بالعهدين: الأول للحقوق المدنية والسياسية والثاني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتم تأسيس ما يعرف الآن بالشرعية الدولية لحقوق الإنسان وانبثقت عن هذا كله عشرات الاتفاقيات المتخصصة التي تغطى كافة الحقوق والحريات الأساسية بالتفصيل وتضع آليات لمراقبة مدى التزام الحكومات بتطبيق ما رود فيها.
وتحولت لجنة حقوق الإنسان إلى مجلس دولي لحقوق الإنسان وهو المجلس الذي يراقب تنفيذ التعهدات الحكومية باحترام حقوق الإنسان وتتقدم الحكومات بصورة طوعية بتقارير كل أربع سنوات حول ما تم إنجازه في مجال الارتقاء بحالة حقوق الإنسان بها وفي نفس الوقت تتلقى توصيات من الدول الأخرى حول ما تراه من نقص في هذا المجال فهي آلية تكاملية جعلت قضية حقوق الإنسان في بلد ما قضية دولية وللحكومات الحق في قبولها والاعتراض عليه أو رفضها.
قضية حقوق الإنسان لم تعد قضية محلية بل هي شأن كوني يهم كل الناس على كوكب الأرض، وبالتالي من حق الجميع أن يبدى آراءه وملاحظاته على دولة ما وفق معلومات حقيقية موثقة وبالتشاور مع الحكومة المراد توجيه الملاحظات إليها.
احتفال العالم بهذا اليوم يأتي في منطقتنا ولدينا دولة محتلة وعجزت الآليات الدولية لحقوق الإنسان عن مواجهة المحتل ومحاسبة قادته على الجرائم التي يرتكبونها ضد الشعب المحتل وأقصد هنا الشعب الفلسطيني مما جعلها نقطة سلبية تدفع العديد إلى مهاجمة الآليات الدولية والكفر بها.
وعجز هذه الآليات عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وعجز المجتمع الدولي عن تنفيذ قرارات الشرعية الدولية حول الاحتلال جعل كل مواثيق حقوق الإنسان مجرد حبر على ورق وأصبحت أداة للهجوم على كل دعاه ونشاطي حقوق الإنسان.
ويأتي أيضا الاحتفال في ظل دول في منطقتنا العربية تعاني من نزاعات مسلحة داخلية في اليمن وسوريا وليبيا والصومال وعجز السياسة الدولية عن إيقاف هذه النزاعات وإعادة الاستقرار إلى هذه الدول مما ادى إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب كما لا يوجد أي بادرة بأن هذه الأزمات سوف تنتهي في القريب العاجل.
هذه الأحداث عكرت علينا الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان وأصبح الاحتفال به مجرد أمر شكلي لا قيمة له طالما الدماء تسكب في هذه الدول دون حسيب أو رقيب.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية