لا شك أن أحداث العام المنقضي 2022 ستؤثر بشكل مباشر على كل الأحداث العالمية في العام الجديد 2023. ولكن المتغيرات الحالية تؤكد أنه ستكون هناك تغيرات كبيرة في موازين القوي عالميا وإقليميا. ومن لديه الرؤية والأدوات سيغير موقعه من العالم خلال هذا العام.
لازالت أمريكا وأوروبا يراهنان على التضحية بأوكرانيا كاملة حتى أخر جندي فيها في سبيل إضعاف روسيا التي يثبت رئيسها بوتين كل يوم أنه لن يترك هذه الفرصة ليصعد كقوة عالمية جديدة وليست قوة إقليمية وخاصة بعد أن نجح في الاستفادة من الحرب ضد أوكرانيا.
وبعد فشل العقوبات الاقتصادية الهائلة التي فرضتها عليه واشنطن ومعها الاتحاد الأوروبي في كسر إرادة روسيا أو وقف حربها على أوكرانيا كما أن التعاون الإستراتيجي اقتصاديا وعسكريا بين الصين وروسيا بهدف كسر السيطرة الأمريكية المنفردة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1989 يخطو بثبات.
أما عن التحالف والدعم الإستراتيجي بين روسيا والصين فقد أخذ عدة خطوات في هذا الاتجاه أخرها المناورات العسكرية المشتركة الضخمة بين الجيشين الصيني والروسي بكل أنواع الأسلحة برا وجوا وبحرا رسالة لا تخطئها العين إلى عدوهما المشترك الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الزيادة غير المسبوقة في معدلات التبادل التجاري والإمدادات بالبترول والغاز الروسي للصين مما دعم من بدائل وخيارات قرارات بوتين في حربه على أوكرانيا والتلاعب بكل دول أوروبا في ملف الغاز والطاقة وهو ما يؤكد أن التحالف صيني روسي يقطع خطوات جادة ليحقق كل من الدولتين أهدافه بحيث تستطيع الصين ضم تايوان و تطبيق هدفها الأول صين واحدة رغم الرفض الأمريكي القاطع وتنتصر روسيا على أوكرانيا المدعومة من حلف الناتو وأمريكا .
وقد بدأت الصين خرق الأجواء فوق جزيرة تايوان بشكل يومي تقريبا جويا وبحريا وبأعداد متزايدة من الطائرات المقاتلة مما يجعل الجيش التايواني في حالة تأهب قصوى وتوتر دائم ولكن أمريكا تعتمد الآن على تنشيط الصراعات الحدودية بين الصين والهند من ناحية وبين الصين واليابان من ناحية أخري هذا غير التحالف العسكري الذي كونته مع أستراليا وبريطانيا ضدها أيضا.
كما لا ننسى أيضا حالة تنشيط الصراعات بين كوريا الشمالية من جهة وبين كوريا الجنوبية و اليابان من جهة أخري مما جعل من قارتي أسيا و أوروبا داخل حلقة كبيرة من الصراع الذي قد ينتقل من بين روسيا وأوكرانيا فقط ليشمل كوريا الشمالية والجنوبية في أقرب وقت ممكن ولعل الاستفزازات العسكرية المتبادلة بين الكوريتين يوميا مؤشرا علي الضغوط المتبادلة بين حلفاء روسيا و حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية كما لا نغفل أبدا أن ألمانيا و اليابان قد بدأتا تطوير سريع و مكثف للجيشين الألماني و الياباني و بميزانيات عسكرية ضخمة لم تحدث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تصل إلي مئات المليارات .
كل ما ذكرنا من أحداث في هذا المقال حدث في العام 2022 فقط ولعل هذه السرعة في الأحداث كان سببها هو طلب روسيا من أوكرانيا عدم الانضمام لحلف الناتو حتي لا تصل أسلحة الناتو إلى حدود روسيا وهو أكبر تهديد تعتبره روسيا تهديدا لوجودها ثم رفضت أوكرانيا ما طلبته روسيا فقرر بوتين شن الحرب بعدما أدرك أن حلف الناتو بقيادة أمريكا لن يتنازل عن التوسع باتجاه الحدود الروسية ولازالت تداعيات هذه الحرب تتوالى وبسرعة على دول العالم كله وعلى الدول العربية خاصة مصر ودول الخليج والجزائر ولنا في هذا مقال أخر.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية