قبل عدة أيام وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسي بتوطين صناعة مراكب الصيد في مصر، بالتوازي مع جهود الدولة في تطوير البحيرات الطبيعية على مستوى الجمهورية بهدف مضاعفة إنتاج مصر من الأسماك، وأيضاً دعم الأحوال الاقتصادية للصيادين وتعزيز الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني، والحقيقة أن الرئيس قد مس جانبًا مهمًا من جوانب الموارد الطبيعية التي تمتلكها الدولة ولم تستغل بالشكل الأمثل حتى الآن، على اعتبار أن مصر من الدول التي تمتلك شواطئ كبيرة سواء على البحر الأحمر أو على البحر المتوسط، وأيضاً بحيرة ناصر ونهر النيل، وجميعها تشكل ثروة طبيعية يمكن استغلالها في جوانب عديدة على رأسها صيد وصناعة الأسماك لتغطية السوق المحلى وأيضاً التصدير، كما يمكن أن تكون بديلًا للعجز في البروتين الحيواني الذي تستورد مصر منه كميات كبيرة ويتلاعب فيه مافيا استيراد اللحوم.
وللأسف نحن نعلم أن أسعار الأسماك في مصر باتت خيالية وتضاعف مثيلتها في دول كثيرة غنية ودخل الفرد فيها عدة أضعاف دخل الفرد في مصر، كما تقوم مصر باستيراد كميات من الأسماك من بعض هذه الدول، بسبب عجز الدولة عن إعداد أسطول صيد حديث يمكن أن يعوض هذه الفوارق.
الحقيقة أن هذه الصناعة تحتاج إلى تشجيع القطاع الخاص للدخول فيها من خلال تقديم تيسيرات سواء في الإجراءات والتصاريح والموافقات في جمال اليخوت السياحية التي تحتاج مناطق مثل شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالي وغيرها من الأماكن السياحية.
ولكن الأهم في مجال صيد وصناعة الأسماك التي تحتاج إلى أيد عاملة كثيرة وتشكل مصدرًا للدخل القومي وجذب أيد عاملة كثيرة من قطاع الشباب، وتشجيعهم على الدخول في هذا المجال من خلال التسهيلات والمبادرات والقروض التي تقدمها البنوك على اعتبار أن هذا المجال يمثل سوقًا واعدة في مصر في ظل العجز الشديد لهذا المنتج بالسوق المحلى وحاجته إلى كميات هائلة من الأسماك.
ويمكن للدولة استغلال هذه الموارد لإقامة صناعات غذائية من منتجات الأسماك سواء لتغطية السوق المحلى أو التصدير للخارج، كما يحدث في دول كثيرة تحقق عوائد اقتصادية كبيرة من هذا القطاع، وهناك دول أخرى تعتمد على الأسماك باعتبارها المورد الأول للبروتين وبديلًا للبروتين الحيواني والداجن، كما أنه يعزز الأمن الغذائي في مصر في ظل أزمة الغذاء التي يشهدها العالم حاليًا.
يبقى سؤال مهم حول تجاهل الحكومات المصرية هكذا المورد المهم وتحديدًا في بحيرة ناصر التي تعد واحدة من أكبر البحيرات في إنتاج الأسماك؟! ولماذا يتم حظر تسويق أسماكها في السوق المصري ويقتصر على مدينة أسوان فقط؟! وكلنا يعلم أن هذه البحيرة يمكن أن تكون أكبر مزرعة سمكية على مستوى العالم إذا تم استغلالها بالشكل الأمثل، خاصة وأنها تزخر بأنواع كثيرة من الأسماك خاصة سمك البلطي، وسابقًا كانت هناك منافذ في شتى المدن المصرية لتسويق أسماك بحيرة ناصر، والآن يقتصر الأمر على أسوان، وربما لا يدري كثيرون أن البحيرة باتت موحشة بسبب آلاف التماسيح العملاقة التي تتغذى على الأسماك.
وقبل عدة سنوات كنت في زيارة لمدينة أبو سمبل على متن فندق عائم من أسوان إلى أبو سمبل برفقة وفد من منظمة اليونسكو وفوجئنا بتوحش التماسيح والأغرب توحش الأسماك نفسه ورأيت أسماك البلطي وغيرها من الأسماك النيلية التي استفحلت وبحجم مخيف وتزن عشرات الكيلو جرامات وبالتأكيد باتت تتغذى على الأسماك الصغيرة، وبالتأكيد هذه البحيرة تحتاج إلى إدارة اقتصادية مثلى لجوانب كثيرة.
حمى الله مصر
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية