بقلم – كمال عامر
في أمريكا على هامش زيارة الرئيس السيسى للجمعية العامة لإلقاء كلمة مصر ولمدة أسبوع من النقاش والحوار والقراءة لملف العلاقات المصرية والأطراف الأخرى بما فيها أمريكا تأكدت أن الصوت المصرى عادة ما يصبح مسموعا أو له صدى، إما لوجود إرادة رسمية لدى الطرف الآخر- الأمريكان- وإما لوجود قاعدة شعبية يمكنها فرض أمر واقع لدى الطرف الآخر.
للتوضيح، تأكدت من أكثر من مصدر أن سر قوة العلاقة الأمريكية الإسرائيلية وجود رصيد شعبى قوى داخل أمريكا وإسرائيل، وهو ما جعلها الأكثر مرونة معها بين الدول، وتكون نموذجا فريدا من نوعه، فأصبح السياسيون بالبلدين في سباق مع الزمن لتقديم المساندة طمعا في الحصول على التصويت في الانتخابات.
لكن حدث في زيارة الرئيس السيسى إلى نيويورك عدد من الملاحظات المهمة، أولها نجح المؤيدون للدولة المصرية في توصيل صوتهم لعدد من الدوائر المختلفة إعلاميين وسياسيين وغيرهم.
والأهم أن عددا منهم تحرك مع الشارع الأمريكى لشرح وجهة النظر في الأمور المختلف حولها، مثل خطوات النظام المصرى نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان والأقباط والتنمية بشكل عام.
الحوار مع الشارع حتى رجل الأمن وأعضاء للكونجرس والنواب أو بين الجالية المصرية والأمريكان اشتمل أيضا على البحث عن إيجابيات لسؤال حول تمركز السلطة في مصر بيد الرئيس السيسى، وهو ما يجعل البلد مرهونا بالرئيس.
الأمريكان مغيبون عمدا أو كرها أو لعدم التواصل عما يحدث في مصر الآن، في المقابل الدبلوماسية المصرية تقوم بدورها طبقا للإمكانيات المتاحة، بينما الدبلوماسية الشعبية غائبة إلا في حدود ضيقة، وهو ما أدى إلى التباطؤ في ملف تفهم ما يحدث في مصر من جانب عدد من الدول ومنها أمريكا.
بالطبع، هناك دور بالشأن السياسي لغير الرسميين، ولمن هم خارج السلطة من أصحاب المناصب، وأمريكا تجسيد للفكرة حيث يستعين من هم في الحكم بالسياسيين، وقد يكونون من خارج الحزب المنتمى له الحاكم.
يجب التفكير في تشكيل لوبى سياسي شعبى قوى من أطياف المجتمع شرط توافر مقومات فكرية له تقوم بالأساس على الفصل ما بين المصلحة الخاصة للشخص والحزب ومصلحة البلد، فالمتلقى عندما يرى الوفود الشعبية بالطبع يحصل على إجابة السؤال حول سلوك الحاكم مع المختلفين معه.
الدبلوماسية الرسمية مع الشعبية لعبت دورا مهما في اصطياد إخوان أمريكا وهزيمتهم معنويا أمام الرأى العام خلال زيارة الرئيس السيسى، كان من السيناريوهات المعروفة أن الإخوان يستعدون لعمل مظاهرة ضخمة أمام الأمم المتحدة على هامش إلقاء السيسى كلمة مصر. ووقفة ومظاهرة أمام محل إقامة الرئيس، لكن المصريين المقيمين في أمريكا مع الدبلوماسية الرسمية والشعبين صنعوا واقعا جديدا بحصار الإخوان في تظاهرة أمام الأمم المتحدة، وهو ما كان وراء تراجع أعداد المعارضين بدرجة ملفتة، والاختفاء التام من الشوارع حول الفندق الذي يقيم فيه رئيس مصر.
الدبلوماسية الشعبية لم تكتف بالوجود في الشارع، بل واصلت الحوار مع عدد من المحيطين بصانع القرار، وهو ما يؤكد ضرورة أن يكون هناك تنظيم أكثر ودراسات أكثر، وتعليم للمهام بعد تحديدها.
الدبلوماسية الشعبية هي أمل الوقوف ضد محاولات حصار مصر.
أيضا يجب أن نبحث عن لوبى بالداخل أولا، عمله البحث عن أوراق ضغط معاكسة يمكن استخدامها للتحرر من سلوك مغالط أو معاكس للانطلاقة المصرية.
يجب التجهيز لمن يتم اختياره وتبادل الخبرات والمعلومات والوصول لنقاط اتفاق حول المطروح والغرض منه أو المدى المطلوب كنتيجة لخطوات العمل.
بالطبع، هناك شروط لمن ينظم تلك التشكيلات على الأقل أن تكون وطنيته تطغى على تطلعاته.
العلاقات المصرية الأمريكية تستند على المصالح المشتركة ودور مصر في المنطقة، وفى فرض الأمن والسلم العالميين والعلاقة مع إسرائيل.
وما يحدث الآن من هجوم ممنهج على الدولة المصرية والنظام السياسي في مصر من عدد من القوى العالمية يرجع إلى رفض مصر الجديدة الخضوع والابتزاز السياسي وكل صوره، ورفضها الاحتكار في قاموسها السياسي أو الاقتصادى.
وتحرك الرئيس السيسى شرقا وغربا تأكيد على أن هناك في السياسة تنوعا للصداقات، كما أن هناك تنوعا في مصادر السلاح، هذه النقطة تحديدا لم تكن موجودة ضمن قاموس السياسة المصرية. الرئيس ناصر انحاز للشرق وهاجم الغرب والرئيس السادات انحاز للغرب وعادى الشرق، والرئيس مبارك تفاهم مع الغرب وابتعد عن الشرق، الرئيس السيسى من خلال السلوك الدولى يؤمن بالتوازنات، وبالتالى تنوع العلاقات، وهو ما يحدث خلال زيارات طرق الأبواب بعنف للشرق والغرب والشمال والجنوب.
الدول بدأت تتفهم ما يحدث في مصر وجهود السيسى في هذا الشأن لا تكفى، يجب أن يساند المجتمع بكل مكوناته تلك السياسة وأن تتاح في تلك العملية مهام للجميع.
الشعوب لم تعد تستمع إلى الرسميين وحتى الرسميين لهم خطوط ملونة ومحددة لهم خطوات محسوبة لا تتيح لهم الخروج عنها.
نريد أن نتعلم ونرصد التجارب المهمة الناجحة في العالم ونستوردها، «ولو مش عارفين نتعاقد مع خبراء أجانب يعلمنا ومش عيب».
بناء المجتمع مهم جدا، فإنه يتيح استيعاب وهضم المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ويتفاعل مع نموها.
التركيز على الاقتصاد دون القطاعات الأخرى أمر غير سليم ويظهر تقدمنا أنه هش وسطحى.
ينقصنا الكثير ماشى. وعاوزين تطوير في كل أركان المجتمع،
عاوزين نبدأ الآن وليس غدا، كل تباطؤ ندفع ثمنه، إصلاح المجتمع صعب لكن مش مستحيل.