بقلم – لينين الرملي
هذه المسرحية كتبتها مبكرا جدا لثلاث مرات، فقد اتفق معى أحد المنتجين على تصوير ثلاث مسرحيات دفعة واحدة، على أن تصور فى الأردن ووقعت أنا وصبحى على ثلاثة عقود وكان الاتفاق أن يخرج مسرحيتين ويخرج محمد صبحى واحدة منها ويشارك بالتمثيل فى غيرها، لكن مسرحية منهم أعجبته بشكل خاص وقرر يخرجها مع واحدة أخرى. ولكنى قلت إنى أريد أن يخرج صبحى هذه المسرحية وكان اسمها (انتهى الدرس يا غبى). ولكن المخرج أصر على رأيه وإلا يفسخ الصفقة كلها. فقلت بهدوء فلنفسخ العقد كله، ولم يكن هذا على رغبة صبحى وحاول أن يثنينى فرفضت لأنه يمكن أن يصبح نجما بهذه المسرحية تحديدا بينما المسرحية ستعرض فى الأردن لا فى مصر. وفى اليوم التالى ذهبت لمكتب المخرج لأعيد له العربون فقال إنه دفع للبطلة المقدم عن إحدى المسرحيات وسيخسر ما دفعه وعرض أن يعطينى الأجر دفعة واحدة، فتنازلت عنها وحزن صبحى فلم يصبح له مكان، فقلت إنى احتفظت بها لأنها يمكن أن تجعل منه نجما دفعة واحدة، وصورت المسرحية بالأردن فلم نشاهدها بالطبع وحاول زميل لى بالمعهد أن يأخذ «انتهى الدرس» مؤكدا أن عادل إمام سيقبلها ولكنى لم أوافق لأنى لا أعرف كيف ستظهر.
وطلب منى فؤاد المهندس بعد أن مثل مسرحيتى (سك على بناتك) أن أعطيه مسلسلا من ثلاثين حلقة ليذاع فى رمضان وحكيت له نفس الفكرة التى عرضت فى الأردن فأعجبته لكنه أراد أن يسميها (سها هانم رأست على السلالم)، وقلت لا بأس وكنت فى نفس الوقت أنهى بعض حلقات مسلسل (حكاية ميزو) للإذاعة فى التليفزيون وكان المسلسل يقوم على أن أبا له ابنة وحيدة شعر بقرب أجله فاختار لها رجلا رأى فيه الاتزان والطيبة بينما هى مراهقة تتمنى أن يقع جارها فى حبها. ثم مات أبوها بعد زواجها بأيام وهنا تحت وطأة الوفاة عادت لمنزلها فى حالة غريبة وقد نسيت تماما موت أبيها وأنها تزوجت وراحت تصرخ على الجيران لحمايتها من هذا اللص أو المجرم الذى سطا عليها فى غياب أبيها. حتى رأت وثيقة زواجها منذ أيام. لكنها لم تستطع أن تتقبل زوجها. وانتهى الأمر أن طلب منها طبيب نفسى أن تعطى زوجها شهرا وتحاول أن تعرفه فربما اقتنعت به. لكنها عاشت معه دون أن تعيره أى انتباه لتتخلص منه. وفى موعد الحلقة العاشرة الذى تتخلص فيه من زوجها توقفت الإذاعة عن مواصلة الحلقات وكان فيها سيخضع زوجها فيطلقها وقرأت القرار منشورا بالصحف ليلا صادرا من وزير الإعلام. وكان عندهم عشرون حلقة مكتوبة تمت رقابتها ويومها نمت بهدوء مبكرا على غير العادة ثم ذهبت للتليفزيون لمتابعة أحداث مسلسل ميزو (لسمير غانم) ولكن جاء إلى من يسألنى عن باقى حلقات سها هانم لتوزيعه بالطائرة لأنه مباع لعدة عربية!. فقلت له إنى أدركت خطئى ولذلك لن أعطيكم باقى الحلقات حتى لا أفسد الناس بالبلاد العربية، واستمتعت بالرجل الذى ظل يترجانى وهو فى محنة فأعطيت له النص الباقى. ولم أهتم بما فعلوا فيه.
ولكن الأمر لم يقف عند ذلك فقد جاء مخرج مسلسل ميزو يعطينى ورقة من الرقابة ترفض سبع جمل متفرقة منها. وسألنى ماذا أفعل. قلت لا تفعل أى شيء. فإما أن تتبع ما طلبته الرقابة منك ولكنى لن أعطيك باقى المسلسل أو لا ترد عليهم بالمرة. وبعد حيرة جرب ما قلته ولم تتحرك الرقابة. وكان من ألطف الأمور التى اعترضت عليها الرقابة أن ميزو يقول لزوجته إن الآلات الموسيقية قد اختفت وحل محلها الصاجات النحاسية، فكتبت الرقابة (إن المؤلف- الذى هو أنا- يشير لعصر النحاس باشا)، ولم يرد المخرج كما طلبت منه وسكتت الرقابة.
والظريف اللطيف أن سها هانم التى منعت إذاعتها كانت ستعود لزوجها لتدرك أن أباها- الذى اختاره لها- كان على حق فهو الجدير بها.
ونقل الأستاذ الجميل الرقيق فؤاد المهندس للعناية المركزة فى نفس اليوم ولعدة أيام متتالية. ونشرت عشرات المقالات حول هذا الحدث الفظيع المريع وعشرات النكت بالكاريكاتير بجميع الصحف والمجلات بشكل لم يحدث من قبل، وكان العدد الكثير فى أغلبه ضد المسلسل. باستثناء البعض وعلى رأسهم الفنان العظيم صلاح جاهين.
وبعد مرور سنوات حولت العمل لمسرحية من إنتاجى وعرضت فى القاهرة
والإسكندرية باسم (جنون البشر) ثم بعتها للتليفزيون المصرى وما زالت تعرض حتى اليوم. وبلا أى رقابة على الإطلاق.