يعيش السودان أزمة كبيرة وخطيرة تهدد مستقبله بسبب الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لتزيد هذه الأحداث من أزمة السودان الممتدة منذ سقوط حكم البشير، وتشكل تهديداً خطيراً لوحدة الأراضي السودانية والشعب السوداني.
وهي أزمة كاشفة للتدخلات الخارجية في الشأن السوداني سواء على المستوى الدولي.. أو للأسف على المستوى العربي الذي باتت بعض دولة تمثل خنجراً في الظهر العربي اعتماداً على الثروات التي توجهها لأهداف وأطماع سياسية وهو الأمر الذي ألمح إليه السيد عمرو موسى وزير الخارجية المصري الأسبق والأمين العام للجامعة العربية السابق عندما نشر على تويتر كلمة جاء فيها– أن بعض المصالح العربية قد تتعارض مع المصالح المصرية الأكثر عمقاً في السودان، وكذلك الحال في أفريقيا.
هنا يتوقع من مصر وقفة صريحة وجريئة إذ إن مصالحنا الحيوية في تلك المنطقة بأسرها أصبحت مهددة وعلى المحك واحتمال استغلال إثيوبيا للوضع يفاقم مشكلة السد لنا– وهي تلميحات لدول عربية للأسف لها مواقف سلبية في سد النهضة والآن في السودان.
خطورة ما يحدث في السودان هي حالة الفراغ السياسي التي تعيشها البلاد، ووجود رأسين على قمة الهرم الأمني في السودان وهما الفريق عبدالفتاح البرهان وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري وفى المقابل محمد حمدان دقلو الشهير– بحمدتي– الذى يترأس قوات الدعم السريع التي تتشكل من الجنجويد ومن منطقة دارفور التى تسعى للانفصال وتمتلك هذه القوات أسلحة حديثة وثقيلة بسبب الدعم الذى تتلقاه من الخارج.
وهو ما جعلها تحاول فرض رؤيتها وأجندة الدول الداعمة لها على الوضع في السودان، وهو ما رفضه الجيش السوداني وغالبية السودانيين، كما جاء فى بيان الجيش السوداني الذى أشار إلى ضلوع دولتين خليجيتين في دعم قوات حميدتي بهدف إطالة أمد المعركة، كما أشارت تقارير إعلامية إلى العلاقة الوطيدة التي تربط قائد قوات الدعم السريع مع دولة الإمارات العربية وخاصة حميدتي يسيطر على معظم مناجم الذهب في السودان ويقوم بتصديرها إلى أبوظبي، وربما تكون المبادرة التي أطلقها رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان قبل يومين لتوسيع المشاركة الشعبية والسياسية تمثل خارطة طريق لمستقبل السودان وتحافظ على وحدته بعد أن تضع هذه الحرب أوزارها.
بالتأكيد أحداث السودان شغلت غالبية المصريين لأسباب كثيرة يأتي على رأسها وجود بعض القوات الرمزية بهدف التدريب المشترك مع الجيش السوداني، وأيضاً العلاقات الوطيدة التي تربط الشعبين والدولتين بحكم التاريخ والجغرافيا، وكلنا نعلم أن هناك محاولات كثيرة ومكررة لإفساد هذه العلاقة سواء من خلال مباراة أو تسريب صورة لجنودنا العزل الموجودين بهدف التدريب فقط أو إحداث تراشقات على السوشيال ميديا.
ويجب على الجميع أن يعي أن الأحداث جميعها مترابطة ومتشابكة وممتدة منذ المعركة الكبرى والأم التي خاضتها مصر في مواجهة الجماعة الإرهابية وكل من يدعمها وأسقطتها في مصر وفى باقي الدول العربية وغير العربية وأسقطت معها السيناريو المعد للمنطقة، كما يجب ألا نغفل التسريبات الأخيرة للنتاجون، وقدرة مصر على إفساد مخططات كثيرة وفرض التوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، وغيرها من الصراعات التي يعيشها بعض الأشقاء أو بعض المتآمرين الذين يعتقدون أن الثروات يمكن أن تفرض زعامات وريادات لا تبنى على أسس ومقومات حقيقية.
وربما يكون قدر مصر الذي فرضه التاريخ عليها منذ آلاف السنين أو على أقل تقدير قبل أكثر من مائتي عام، لديها القدرة على مواجهة الصغار والمتآمرين وحفظ أمنها القومي.
حفظ الله مصر وكل عام وأنتم بخير.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية