«حالة حوار» هو عنوان لأحد أبرز أعمدة جريدة «الأهرام»، والبرنامج التلفزيوني للكاتب الكبير الراحل الدكتور عمرو عبد السميع، أحد أبرز الأقلام الصحفية المصرية. الذي لم يمهله القدر ليرى عنوان عموده وبرنامجه الشهير لواقع تعيشه مصر الان، نعم؛ مصر في حالة حوار ديمقراطي متحضر، حوار بالجميع وللجميع.
لقد تشرفت وسعدت بالمشاركة في الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني؛ وحسناً فعل مجلس أمناء الحوار الوطني من اختيار الشعار الرئيسي للحوار الوطني تحت عنوان: «الطريق نحو الجمهورية الجديدة.. مساحات مشتركة»، لذلك فالجلسة الافتتاحية حملت رسائل عدة؛ أولى هذه الرسائل؛ الإجماع والتوافق على أهمية الحوار. وهو ما يتضح من إنه لا توجد قوة سياسية واحدة ولا نقابة مهنية واحدة، ولا جمعية اهلية ولا تيارا سياسيا لا يشارك في الحوار، أو أعلن رفضه للحوار. كما أشار السيد ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني.
تنوع واختلاف الآراء لا مشكلة فيه في حد ذاته، لكن الإشكالية تكمن في كيفية إدارة هذا التنوع، وهذا الاختلاف، ونحن عموم المصريين اجتمعنا وتوافقنا على اختيار الحوار كآلية لإدارة هذا التنوع والتعدد في الرؤى تجاه القضايا المختلفة. لذلك كان التأكيد دائماً وأبداً ومنذ الدعوة الرئاسية للحوار، أن الباب مفتوح للجميع، ولأن الوطن للجميع فالحوار أيضا للجميع.
ثاني تلك الرسائل؛ أنه لا سقف محدد سلفاً، ولا خطوط حمراء للحوار، وليس أدل على ذلك من القيادة السياسية التي دعت للحوار ووجهت به في افطار الأسرة المصرية أبريل ٢٠٢٢، هي نفسها لم تفرض قضايا معينة، أو أجندة محددة لذلك الحوار؛ بل جعلت التوافق على أجندة الحوار ومحاوره هي نفسها موضع للحوار والتوافق، ومن ثم أرجو عدم التسرع وإصدار أحكام مسبقة بعدم جدية الحوار أو شكليته كما يزعم البعض ويشكك، خاصة وأن آلية الحوار الوطني كان لها اسهامات جادة بدء من التوسع في ملف العفو عن السجناء، وانتهاء بمقترح مد الإشراف القضائي وهي جميعها قضايا جادة ومهمة، بالتالي لابد من الاجتماع والتوافق على أهمية الحوار الوطني بل واستغلاله الاستغلال الجاد والأمثل لتحقيق أهداف الحوار الوطني وعلى رأسها ما أقره الحوار من السعي نحو ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن المصري والنقاش الجاد المثمر حول آليات تحقيقها في جميع المجالات.
ثالث رسائل الجلسة الافتتاحية، ما أشار به السيد الرئيس في كلمته للجلسة؛ من أن الدافع للحوار هو «تعاظم التحديات التي تواجه الدولة المصرية على كافة الأصعدة»، وهو ما يعني أن الحوار الوطني ينطلق من كونه نابع من واقع التحديات التي تواجهها الدولة المصرية وليس من واقع أزمة حالة كما في لبنان أو السودان، والدليل على ذلك، وعلى عكس ما توقع الجميع؛ جاءت قضايا المحور الاقتصادي في مقدمة أولويات الحوار الوطني بنسبة 37%، تليها قضايا المحور المجتمعي بنسبة 34%، وأخيراً المحور السياسي بنسبة 29%. ومن ثم فلا داعي للتسرع أو التشنج أو اتخاذ مواقف حادة لأن الهدف واحد ومتفق عليه وهو الحوار وتبادل الآراء المختلفة حول مختلف القضايا والمشكلات للوصول لأفضل الحلول والبدائل والمقترحات، ثم التعاطي معها إما من خلال التشريعات إذا استدعت الحاجة لتشريعات جديدة أو من خلال التدخلات والقرارات التنفيذية.
يبقي الشكر والإشادة بالجهد الكبير لفريق الأمانة العامة ورئيسها المستشار محمود فوزي، والتي تجاوزت حاجز الـ 2000 ساعة عمل، وكذلك الأكاديمية الوطنية للتدريب التي استضافت على مدار عام كامل ولا تزال الجلسات التمهيدية الأولية للحوار، وعملت على توفير كل ما يلزم لإنجاحه، وهي مؤسسة يجب أن نفخر بها جميعا، وبكوادرها الشابة.
وانتهاءً؛ هي رسالة للجميع من أن المشاركة الجادة والفاعلة تضمن تحقيق مبادئ الحوار الوطني الرئيسية وعلى رأسها ضمان حق الجميع في المشاركة والتنمية، وأن الجلسات ليس مناظرة بين رؤى متنافسة، لكن مساحات مشتركة بين جميع الآراء. وأن مصر أولاً وأخيراً وفوق الجميع.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية