مدن لها طعم خاص.. مهما ذهبت ومهما سافرت.. لا تنسى هذه المدن.. مدن يجتمع فيها التاريخ مع الحاضر مع المستقبل.. مدن مراكز ثقافية في مبانيها وشوارعها.. خططتها وبنتها الحضارات المختلفة التي مرت عليها.. أشعر بالحنين إلى هذه المدن التي زرتها عشرات المرات لكن توقفت عن زياراتها بسبب ما جرى بها من أحداث.
ومن هذه المدن دمشق عاصمة سوريا التي تجولت في شوارعها عشرات المرات من سوق الحميدية إلى المسجد الأموي وليلًا إلى جبل قاسيون من مقاهيها الجميلة إلى محلاتها الأنيقة.. إلى طعامها الشهي.. دمشق هذه المدينة التي تعد رمزًا للصمود في التاريخ والحاضر وستكون في المستقبل.
دمشق والشام كما يحب السوريين أن يطلقوا عليها مدينة قيل فيها عشرات القصائد في مدحها وفي وصفها وفيما قامت به من أعمال لهذه الأمة منذ أن اتخذها الأمويون عاصمة لهم، فكانت نبراس النور الذي أضاء الدنيا حتى وصل نورها إلى الأندلس.
فهذه المدينة الجميلة مدينة الياسمين كما كان يحب نزار قباني أن يسميها عادت إلينا بعد سنوات من الفراق.. عادت سوريا إلى الجامعة العربية وهي ضلع مؤسس فيها.. عادت بشامها وحلبها وحمصها ومدنها وبناسها.. وهو أجمل شيء جرى في الأيام الماضية.
فدمشق تطلع كل عربي وقبلة إلى كل سوري أن يبذل جهدًا لإحلال السلام في سوريا.. وإعادتها دولة قوية رمزًا للاستقرار والأمن والأمان.. دولة مدنية ديمقراطية تقوم على الحرية والمواطنة والمساواة والتعدد السياسي وليس الطائفي.
دمشق تحتاج مع مدن وقرى سوريا إلى تنمية شاملة إلى تعويض أيام استغلها الإرهاب الأسود لتدمير حضارتها واستغلها الجيران لكسر شوكتها واستغلها الغرب حتى يأخذ خيرة أبنائها.
دمشق في حاجة إلى إجماع شعبي سوري على الخروج من الأزمة التي تدخل عامها الرابع عشر.. أزمة افتعلها الغير وكانت ضحيتها ملايين المهجرين واللاجئين من أبناء هذا الوطن العظيم.
نحن نريد إرادة عربية قوية.. نريد أن يتنازل جميع الأطراف في سوريا عن تشددهم نريد أن نصل إلى حل يعيد لم شمل الشعب السوري من الشتات.. نريد أن تعود حركة الاقتصاد التي كانت في قمة ازدهارها قبل الأحداث نريد من جيران العرب وسوريا أن يرفعوا أيديهم عنها ويتركوا أمرها لأبنائها هم أولى بحل خلافاتهم بدون تخوين أو تخويف.
نريد أن تعود سوريا القوية الموحدة نريد أن نعود نتسكع في شوارع دمشق يستنشق عطرها كما قال شاعرها نزار قباني في مقال طويل بعنوان «دارنا الدمشقية» قائلاً: «هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة، إنني لا أحاول رشوتكم بتشبيه بليغ، ولكن ثقوا أنني بهذا التشبيه لا أظلم قارورة العطر، وإنما أظلم دارنا، والذين سكنوا دمشق، وتغلغلوا في حاراتها وزواريبها الضيقة، يعرفون كيف تفتح لهم الجنة ذراعيها من حيث لا ينتظرون.
هذه هي دمشق لمن لا يعرف قيمة هذه العاصمة العربية الأبية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية