في يونيو 2006 خرجت علينا كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بمصطلح جديد وغريب لم نسمع عنه من قبل وهو مصطلح الشرق الأوسط الجديد.
لم يكن هذا المصطلح مجرد جملة عابرة في مؤتمر صحفي.. ولا كلمات دبلوماسية متناثرة خرجت ضمن تصريحات اعتادت الوزيرة عليها في إطار عملها الدبلوماسي.. ولكن الذي حدث كان شيئا آخر، فالمصطلح كان بداية لمشروع جديد لتدمير الشرق الأوسط.. ويمثل امتدادا لمشروع سايكس بيكو الذي أطلقوا علية مشروع الشرق الأوسط الكبير.
مصطلح رايس كان يحمل العديد من الرسائل وقت إطلاقة خاصة فيما يتعلق بالمكان والزمان.. فقد دشنت الوزيرة الأمريكية مشروعها من تل أبيب ليكون امتدادا لمشروع الشرق الأوسط الكبير وفي ذلك دلالة على أنه سرطان جديد في جسد الشرق الأوسط الضعيف والهزيل.. وفي نفس الوقت يمثل شريان الحياة لـ إسرائيل، فهو مشروع هدم للكيان العربي في المنطقة.
قالت رايس في مؤتمرها الصحفي: إن ما نراه هنا يجسد ألم المخاض لشرق أوسط جديد.. وكانت تتحدث عن تدمير لبنان بالهجمات الإسرائيلية الغادرة لسلاح الجو الإسرائيلي.
دشنت كونداليزا رايس مشروعها وبعد عامين ونصف تركت منصبها وعادت إلى الجامعة، لكن مشروعها لم يتوقف يوما واحدا.. تدمير وخراب ودمار وهدم للأوطان.. والغريب أن هذا كله كان بأيدينا نحن من خلال ثورات مدمرة أطلقوا عليها ثورات الربيع العربي.
ذهبت كونداليزا وبقي مشروعها الذي هو في الحقيقة مشروع أمريكا وإسرائيل، ذهبت الوزيرة الأمريكية وأكمل الآخرون رسالتها من ضياع دول كانت آمنة مطمئنة حتى أصابتها لعنة كونداليزا ومن سار على نهجها من قادة الولايات المتحدة الأمريكية.
سقطت الدول العربية التي شملها مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي جرى تنفيذه بتخطيط أمريكي وتنفيذ مشترك مع قادة أوروبا.
كان هذا في السابق.. أما اليوم فقد عاد مشروع الشرق الأوسط الجديد ولكنة مختلف تماما عن مشروع كونداليزا رايس.. إنه مشروع بناء لا هدم.. مشروع قوة ووحدة للأوطان وليس تفرق وضعف، مشروع نهضة وليس مشروع سقوط وتدمير، مشروع لتحقيق السلام والأمن والاستقرار وليس مشروع للفوضى والخراب والدمار.. مشروع يحقق الرخاء والازدهار وليس الفقر والجوع والهوان، مشروع يجرى تنفيذه من خلال قوى إقليمية جديدة بدأت تتشكل بعد أفول النفوذ الأمريكي الأوروبي في المنطقة.
المشروع يسير بخطى ثابتة رغم بعض المعوقات التي يحاول البعض وضعها على الطريق من خلال الترويج لبعض النظريات القديمة التي لم يعد لها وجود وأصبحت جزء من الماضي، المشروع يسير في طريقه رغم عبارات اليأس التي تتردد بين الحين والآخر والتي تحاول أن تصور الولايات المتحدة على أنها قوة لا تغيب وأنه لا بديل من العيش في كنفها، ونسى هؤلاء أن قوة الولايات المتحدة والغرب ترجع أساسا إلى ضعفنا واستسلامنا من ناحية وغياب التكتلات العالمية من ناحية أخرى.
إن ما يحدث الآن من تسوية الخلافات بين دول المنطقة وفتح آفاق جديدة والانفتاح على تكتلات إقليمية مؤثرة يمهد الطريق أمام شرق أوسط جديد يصلح ما أفسده الآخرون ويحقق طموحات وآمال الشعوب العربية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية