نعم حاكموهم.. أعلنوا القصاص وانصبوا المحاكم وشيدو المشانق، وفعلوا الطوارئ لهؤلاء الذين بغوا في الأرض فسادا فنشروا فيها الغلاء ودقوا أعناق الرجال والنساء والشباب والأطفال وزادوا من عضة البطون الخاوية لينفذ الجميع المقولة الخالدة «شدوا الحزام» عن طيب خاطر وبإرادتهم فلا مجال لسد الجوع إلا بحزام البطون.
حاكموا هؤلاء الأباطرة تجار الأزمات الذين وضعوا أيديهم في جيوب المصريين ليحصدوا منها الستر وجنيهات قليلة تسد رمقهم غير مدركين للحكمة المصرية «عض قلبي ولا تعض رغيفي» في إشارة منهم إلى أن الزمان يتغير وكل المستحيلات باتت جاهزة!!
الكارثة الحالية لها وجهان لا ثالث لهما، الأول: أن الحكومة تعلم بأساليب هؤلاء التجار وجشعهم الذي لا حدود له والاحتكار والمضاربة وتعطيش الأسواق ورفع الأسعار بطرق خيالية على فقراء الجيوب والبطون، وتتعامل الحكومة مع الكارثة على أنها لا ترى وهذا في حد ذاته مصيبة كبرى تستوجب البحث عن حكومة أخري ترعى مصالح الشعب وتحفظ قوته وآدميته أو البحث عن شعب آخر تحكمه «ترانزيستور» موفر لا يأكل ولا يشرب وحتى لا يمرض، وإن مات يفنى بدون تكاليف دفن أو مصاريف جنازة!!
الأمر الثاني: أن التجار أقوى من الحكومة بأجهزتها وعدتها وعتادها وهذه كارثة آخري تعني أن طوفان الزيادة لن يتوقف وسيواصل ارتفاعه ليصل إلى عنان السماء، فلن يرضى هؤلاء بما جمعوا وكنزوا ولن يقتنعوا بأرصدتهم ولن تشبع بطونهم فهي مثل نار جهنم تقول هل من مزيد، ليلتهموا الأخضر واليابس.. أما نحن فسوف نحيا على الماء والهواء إن لم يحرمونا منها!!
حضر التجار في كل مكان تاجروا في كل شيء بلا سقف ولا حد، وغابت الحكومة بأجهزتها الرقابية وتركت لهم الأسواق يرتعون فيها ويسعون في الأرض فسادا، ولم يعد في مقدرة المصريين أصحاب المقولة الشهير «محدش بينام من غير عشا» إلا أن يعيشون مع تلك الحكم على أنها أقوال مأثورة وزكريات كانت ترتبط بالستر والصحة والعافية ويا ضيفنا لو جئنتا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل، ويغلق كلا منا بابه مكتفيا بلقيمات يقمن صلبه ولكي الله يا مصر.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية